❗الكاتب والمحلل السياسي يحيى دايخ❗ ❗️sadawilaya❗
16 كانون الأول 2025
بين الجرائم الإسرائيلية الممنهجة ضد المدنيين والبنية التحتية في جنوب لبنان، وتقصير السلطات اللبنانية، وعلى رأسها رئيس الحكومة نواف سلام ووزيري الخارجية يوسف رجي والعدل عادل نصار، ليست قصة غفلة أو تقصير وظيفي، بل ما يشبه التماهي مع سياسيات العدو وغض الطرف عن جرائمه، إمعاناً في إزدياد معاناة أهل الجنوب ومحاولات ذلهم لإختيارهم مقاومة عدو مغتصب وغادر وسادي.
فمن الناحية القانونية والسياسية، كما تنص مواد القانونية الآتية، إذا قصّرت الدولة في القيام بواجبها في ملاحقة ومقاضاة الاحتلال على الجرائم المثبتة، فثمة بدائل ومسارات أخرى يمكن سلوكها، رغم التحديات منها:
1. المنظمات الحقوقية والمحامون الدوليون:
منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش"، "العفو الدولية"، "مركز جنيف للعدالة"، وغيرها، يمكن أن تُشكّل واجهة حقوقية لرفع الدعاوى أو تقديم تقارير موثّقة إلى:
- المحكمة الجنائية الدولية (ICC)
- مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة
- محاكم بعض الدول التي تعتمد "الاختصاص العالمي" (universal jurisdiction)، كألمانيا، إسبانيا، بلجيكا، فرنسا.
2. دور المجتمع المدني اللبناني والشتات:
- يمكن تشكيل لجنة قانونية مستقلة من محامين دوليين لبنانيين أو عرب أو دوليين.
- بالإستطاعة جمع أدلة وبيانات الضحايا والشهادات الميدانية (بما فيها وثائق "رايتس ووتش") و (تقارير القوات الدولية اليونيفيل).
- الضغط عبر حملات إعلامية وحقوقية لفضح العدو ومطالبة المجتمع الدولي بفتح تحقيقات رسمية بجرائمه الموثقة.
3. دور الهيئات المدنية والنقابات الحقوقية واتحاد البلديات وجمعيات المجتمع المدني:
- يمكن الطلب رسميًا من حلفاء لبنان الدوليين، لا سيما الدول الداعمة للحق الفلسطيني والمقاومة مثل جنوب أفريقيا وإسبانيا، دعم تحركات قانونية في المحافل الدولية.
- تقديم شكاوى رسمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.
فإذا تخلت الدولة برموزها عن واجباتها، فإن المبادرة يُمكن أن تأتي من قوى المجتمع الحية (نقابات، منظمات، محامين، هيئات مستقلة)، خاصة أن هناك قاعدة قانونية تقول: "عندما تتقاعس الدولة، للشعب الحق في التحرك لحماية نفسه وحقوقه بالوسائل المتاحة."
لكن الأهم هو التوثيق القانوني والميداني المتقن، لتكون أي دعوى متماسكة أمام القضاء الدولي.
وبالتالي لا يمكن السكوت الى ما لا نهاية عن الجرائم الإسرائيلية الممنهجة ضد المدنيين والبنية التحتية في جنوب لبنان، وعن تقصير المقصود من السلطات اللبنانية في اتخاذ التدابير القانونية اللازمة، وعليه من الحيوي والأهمية البدأ بتحرك واسع من كافة أركان وأقطاب المجتمع اللبناني لوضع حدا لهذا الإجرام المتبادل من العدو المحتل وحكومة متماهية مغمضة الأعين، ليكون على الشكل التالي:
أولاً: الوقائع المثبتة للانتهاكات الإسرائيلية
استنادًا إلى التقارير الصادرة عن منظمات دولية محايدة، لا سيما تقرير هيومن رايتس ووتش بتاريخ ديسمبر 2025، وقبلها تقارير قوات حفظ السلام الدولية المؤقتة اليونيفيل تم توثيق ما يلي:
1. استهداف منهجي للمدنيين
- إغتيال موظفين في البلديات (كمثال: الشهيد إبراهيم سلامة موظف بلدية بليدة، الشهيد علي إبراهيم شعيتو موظف في اتحاد بلديات بنت جبيل، والشهيد بلال شعيتو موظف بلدية الطيري، وآخرهم الشهيد الدكتور زكريا يحيى الحاج عضو مجلس البلدي لبلدة جويا).
- قصف سيارات إسعاف ومدنيين عزل، بمن فيهم أساتذة ومدراء مدارس وتربويون.
2. تدمير ممنهج للبنية التحتية المدنية
- استهداف معدات إعادة الإعمار، جرافات، مولدات، وشاحنات نقل مواد البناء.
- قصف مدارس ومراكز صحية ومؤسسات مياه وكهرباء دون أي مبرر عسكري.
3. انعدام الأدلة على وجود أهداف عسكرية
- وفق رايتس ووتش: "لم يُعثر على أي دليل على وجود أهداف عسكرية في المواقع المستهدفة".
- استخدام القوة المفرطة دون تمييز أو تناسب، مما يشكل خرقًا صارخًا لـ"مبادئ القانون الدولي الإنساني".
ثانياً: الإطار القانوني الدولي
1. خرق فاضح لاتفاقيات جنيف (1949)
- فالمادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول: تحظر الهجمات ضد المدنيين.
- والمادة 52: تحظر استهداف الأعيان المدنية.
2. انطباق تعريف "جرائم الحرب" وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المادة 8):
- استهداف ممتلكات مدنية عن عمد.
- القتل العمد للمدنيين.
- شن هجمات غير مبررة أو غير متناسبة ضد أهداف مدنية.
ثالثاً: مسؤولية الدولة اللبنانية وتقصير الحكومة
1. المادة 2 من الدستور اللبناني توجب حماية السيادة والكرامة الوطنية.
2. مبدأ "الالتزام الإيجابي" في القانون الدولي يُحمل الدولة مسؤولية السعي لمعاقبة المعتدين والدفاع عن مواطنيها.
3. تقصير السلطات اللبنانية:
- رئيس الحكومة نواف سلام لم يتقدم بأي شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية.
- وزير الخارجية يوسف رجي لم يستدعِ أي بعثة تحقيق دولية أو يقدم ملفًا قانونيًا بحق الاحتلال.
- وزير العدل عادل نصار لم يتحرك لتشكيل لجنة تحقيق أو تكليف فريق قانوني لبناني لتوثيق الجرائم ورفع دعاوى.
رابعاً: البدائل القانونية الممكنة
1. تفعيل مبدأ الاختصاص العالمي
- التقدم بدعاوى في محاكم دول مثل بلجيكا، ألمانيا، أسبانيا أو فرنسا ضد مسؤولين إسرائيليين متورطين في الجرائم.
2. رفع دعوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC)
- بناءً على المادة 15 من نظام روما، يمكن لأي فريق قانوني أو دولة تقديم معلومات لفتح تحقيق.
3. اللجوء إلى محكمة العدل الدولية (ICJ) عبر دولة تتبنى القضايا المحقة مثل جنوب أفريقيا تتبنى الملف اللبناني.
4. تشكيل لجنة وطنية مستقلة لتوثيق الجرائم، وتحضير ملف قانوني موسع بالتعاون مع منظمات دولية.
5. استخدام أدوات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
- تقديم شكوى رسمية في الدورة المقبلة مع مطالبة بتشكيل لجنة تقصي حقائق.
خامساً التوصيات:
1. دعوة لتشكيل هيئة قانونية وطنية مستقلة لإعداد ملف محكم.
2. مساءلة الوزراء المعنيين في مجلس النواب على تقصيرهم، أو حتى التصويت على طرح الثقة بهما من دون الحاجة إلى استقالة الحكومة كاملة، وذلك استنادًا إلى أحكام الدستور اللبناني والنظام الداخلي لمجلس النواب.
الوارد بالنص الدستوري المادة 37 من الدستور تنص على:
لكل نائب أن يوجّه إلى الوزراء أسئلة واستجوابات.
ولا تُطرح الثقة بالوزير إلا بعد استجوابه في مجلس النواب.
وإذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزير وجب عليه أن يستقيل.
وطرح الثقة لوحده بعد استجوابهما كافٍ لتعرية وفضح تصرفاتهما.
3. إطلاق حملة قانونية داخلية ودولية بمساعدة كل الإعلاميين الوطنيين المخلصين للبنان، لفضح جرائم العدو الإسرائيلي والمطالبة بالمحاسبة.
الخلاصات
إن الصمت الرسمي اللبناني يُعد أقله تخليًا عن المسؤولية الوطنية والدستورية وتقاعصاً وظائفياً، وبل ويذهب الى حد التماهي مع سياساتالاحتلال الإجرامية لدوافع كيدية وإنتقامية.
بالتالي، يُفترض بالدولة "السيادية" "المحترمة والوطنية" أن تكون رأس الحربة الحقوقية والسياسية.
ولكن بتوثيق الانتهاكات مثبت ومحايد، ويُشكّل أرضية صلبة للملاحقة القانونية الدولية.
فالفرصة القانونية ما زالت متاحة، لكن التأخير يُفقد لبنان عنصر الفعالية، ويمنح العدو الإسرائيلي هامشًا أكبر للإفلات من العقاب.
والأمل معقود على الوطنيين من مكونات المجتمع اللبناني من هيئات وجمعيات مدنية وحقوقية ونقابات قانونية وعمالية ومزارعين واتحاد بلديات وكل من يستطيع إيصال صوت الجنوبيين ومظلوميتهم الى الأورقة الأممية والدولية.