logo on medium devices
موقع صدى الولاية الاخباري
الثلاثاء 16 ديسمبر 2025
14:02:10 GMT

«المركزي» يذهب أبعد من «FATF»

«المركزي» يذهب أبعد من «FATF»
2025-12-08 06:14:57

-ماهر سلامة 

08-12-2025


تحت حجّة تطبيق المعايير الدولية، أو بمعنى آخر، رضوخاً للإملاءات الأميركية، يُشدد مصرف لبنان إجراءاته على التحويلات المالية. فتصبح كلّ عمليّة تحويل روتينية بمنزلة عمليّة عالية المخاطر تستدعي جمع كمّ هائل من المعلومات، وتعبئة ما يزيد على 50 خانة من البيانات.
أخيراً أصدر مصرف لبنان التعميم الأساسي الرقم 3، وهو إجراء يُلزم المؤسّسات غير المصرفية بجمع كمّ واسع من المعلومات الشخصية والمالية عن كل شخص يقوم بعملية نقدية أو تحويل يساوي أو يتجاوز الألف دولار، بما يشمل صورته، الهوية المفصّلة، مصدر الأموال، الغرض من العملية، والوضع المالي، ثم إرسال هذه البيانات إلى مصرف لبنان خلال 48 ساعة. بمعنى آخر، أدخل مصرف لبنان نظام تدقيق موسّع يتعامل مع كل عملية صغيرة كملفّ يتطلّب تعبئة نموذج «اعرف عميلك».

لكن ما إن نقارن التعميم والنموذج المطلوب، بالتوصية 16 الصادرة عن منظمة العمل المالي (FATF)، حتى يتبيّن أن ما يجري تحت هذا العنوان ليس تطبيق المعايير، بل توسيعها إلى درجة تصبح معها الرقابة المحلية أشدّ بكثير مما تفرضه الجهة التي يستشهد بها المصرف المركزي. فالتوصية 16، هي المرجع الأول عالمياً لتنظيم التحويلات الداخلية والعابرة للحدود، وهي تنطلق من مبدأ بسيط: «يجب أن تكون أي حوالة قابلة للتتبّع عند الضرورة». لذا، تكتفي المنظمة بمعلومات محدودة: اسم العميل، رقم حسابه، بعض التفاصيل الأساسية التي تسمح بتحديد هوية المرسِل والمستفيد. لا أكثر. لا تطلب مستندات، ولا تسأل عن الوضع المالي أو العائلي، ولا تلزم المؤسسات بجمع ملف كامل عن حياة الشخص الذي يريد تحويل بضع مئات أو آلاف من الدولارات. ولا تفرض تصويره.

لكن تعميم مصرف لبنان يذهب في اتجاه آخر تماماً. فالعملية المالية هنا تبدأ باستمارة طويلة تتضمّن تفاصيل دقيقة عن صاحب العملية: اسم الأب والأم، الرقم الضريبي، عنوان السكن بتفاصيله، رقم الهاتف، وصورة عن الهوية، وصورة شخصية فورية. ثم يُطلب من العميل أن يشرح مصدر الأموال، وأن يقدّم ما يثبت ذلك، وأن يحدّد الغرض من العملية ومصدر الدخل وطبيعته. هذه المتطلبات ليست جزءاً من التوصية 16، بل تنتمي إلى مستوى أعلى من التدقيق لا يُستخدم عادة إلا في سياقات محددة، أو عند وجود مؤشرات على مخاطر مرتفعة لعملية التحويل، بحسب معايير منظمة العمل المالي.

التعميم لا يكتفي بالتعرّف إلى الشخص الذي ينفّذ العملية، بل يفتح الباب على معلومات إضافية مثل مصادر الدخل الأخرى، وتيرة العمليات المتوقعة، بل حتى وضعه العائلي، وفي حال الشركات: أسماء الشركاء، أصحاب الحق الاقتصادي، والمفوّضين بالتوقيع. كل هذا يُرسل إلى مصرف لبنان خلال «يومي عمل»، رغم أن منظمة العمل المالي نفسها لا تطلب من أي دولة أن تجمع هذه المعلومات مركزياً، بل تشترط فقط أن تُحفظ لدى المؤسسة وأن تكون متاحة عند الضرورة.

بموجب تعميم مصرف لبنان أصبحت كل عملية حالة عالية المخاطر

عملياً، من توصيات منظمة العمل المالي يمكن الاستنتاج أنها تفترض أن التحويلات هي نشاط اقتصادي طبيعي، وأن المطلوب هو الحدّ الأدنى الذي يسمح بتتبّع الأموال عند الحاجة. أما التعميم اللبناني فكأنه يفترض العكس، بحيث أصبحت كل عملية هي حالة عالية المخاطر تستدعي جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، بغض النظر عمّا إذا كان هناك أي مؤشر على سلوك مشبوه. لذلك يصبح تحويل ألف دولار عملية تجرّ خلفها ملفاً يتجاوز الخمسين خانة من البيانات.

الفكرة هي أن التشدّد في التدقيق لا يعني بالضرورة قدرة رقابية أوسع. فالممارسات الدولية تظهر أن الإفراط في جمع البيانات لا يؤدي تلقائياً إلى تحسين الرقابة، إذ تقول منظمة العمل المالي في تقرير لها في 2013 تحت عنوان «مكافحة غسيل الأموال والشمول المالي»: «قد تؤدي المتطلبات المفرطة بالعملاء إلى الإقصاء المالي، حيث يُدفع الأفراد والشركات الصغيرة خارج النظام المالي الرسمي. ينبغي على الدول تجنّب تطبيق تدابير غير متناسبة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي قد تُؤدّي، من دون قصد، إلى تحويل المعاملات إلى معاملات سرية».

تطبيق التوصية 16 في معظم دول العالم يتمّ بالحدّ الأدنى من المعلومات اللازمة لتتبّع الحوالة، ولا يتجاوز الاسم، رقم الحساب، وبعض بيانات الهوية الأساسية. حتى الدول التي شدّدت رقابتها بعد أحداث كبرى، كالولايات المتحدة بعد 11 أيلول أو الاتحاد الأوروبي بعد هجمات 2015، لم تلجأ إلى طلب «ملف شخصي» كامل لكل تحويل صغير. ففي أوروبا مثلاً، ورغم تشدّد AMLD5 وAMLD6، لا تُطلب صورة شخصية أو بيانات عائلية أو مالية تفصيلية إلا في الحالات عالية المخاطر أو عند فتح حساب مصرفي، بينما تُترك التحويلات العادية لأنظمة مراقبة آلية من دون إثقال العميل بالمستندات.

مع كل ذلك، فإن مصرف لبنان يحاول أن يُثبت لمنظمة العمل المالي أن لبنان ممتثل لتوصياته، ومستعد ليذهب أبعد منها بكثير، وذلك بهدف الخروج من اللائحة الرمادية التي وُضع عليها البلد أخيراً. لكن حتى في مراجعة تجارب الدول المدرجة على اللائحة الرمادية، يظهر بوضوح أنّ إجراءاتها التصحيحية لا تشبه نموذج التضييق اللبناني. فالدول التي تخضع لمتابعة معزّزة من منظمة العمل المالي، مثل باكستان ونيجيريا وتركيا والمغرب، تُطلب منها عادةً معالجة الثغرات في القطاعات العالية المخاطر، وتعزيز قدرات وحدات الإبلاغ المالي، وتطبيق مقاربة مبنية على المخاطر (Risk-Based Approach) بحيث تُشدد الرقابة على المعاملات المشبوهة أو الكبيرة فقط. هذا ما تؤكد عليه تقارير FATF العامة التي تحدد أن المطلوب من الدول هو «إجراءات متناسبة مع درجة المخاطر»، وتتفق معايير FATF نفسها على أن الإجراءات الرقابية يجب أن تُبنَى على مبدأ «التناسب مع درجة المخاطر».

هذا ليس توصيفاً عاماً، بل مبدأ منصوص عليه حرفياً في التوصية الأولى من FATF التي تشترط أن تعتمد الدول «تدابير قائمة على المخاطر تتناسب مع مستوى الخطر المحدّد». وتعيد FATF شرح هذا المبدأ في دليل المقاربة المبنية على المخاطر (Risk-Based Approach Guidance) حيث تؤكد أن «الأنشطة المنخفضة المخاطر لا تحتاج إلى الإجراءات نفسها المفروضة على العمليات الحسّاسة أو الكبيرة».

كذلك لا تُسجّل تقارير المتابعة مع أوضاع البلدان أي حالات تطلب فيها هذه الدول من العملاء تقديم بيانات عائلية أو مالية تفصيلية عند إجراء حوالة بسيطة، ولا أي نظام يلزم المؤسسات بإرسال ملفات العملاء يومياً إلى المصرف المركزي. وبذلك، يصبح التشدد اللبناني استثناءً حتى بين الدول التي تواجه ضغوط منظمة العمل المالي، إذ يتجاوز ما تتطلبه التوصية 16 وما تطبقه الدول الخاضعة للمراقبة الدولية.



ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها
المساعدون القضائيون في صيدا يكرّمون القاضي إيلي أبو مراد قبل انتقاله إلى البقاع
صدر كتاب تحت عنوان: قراءة في الحركة المهدوية نحو بيت المقدس للشيخ الدكتور علي جابر
المقداد يجول في جرد جبيل ولاسا
مؤتمر دولي لنصرة غزة من بيروت الى اليمن وفلسطين والعالم
بتاريخ ٢٠٢٤٠٤٠١ نظمت السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي شعبة بشارة الخوري محمد الحوت المتحف في منطقة بيروت
في أجواء شهر رمضان المبارك وبمناسبة يوم الأرض ،
واشنطن تصنف انصار الله جماعة إرهابية وتدخل حيز التنفيذ من يومنا هذا وصنفت قيادات الصفوف الاولى من حركة انصار الله بلائحة الارهاب
قتيل وجرحى بين العرب في البقاع الاوسط في منطقة قب اللياس
النائب برو يتفقد احوال النازحين في علمات والبدان المجاورة
بعد طلب سماحة القائد الولي الاعلى السيد علي الخامنئي حفظ الله
كتب حسن علي طه يا أمة المليار منافق، غزة تُباااااد ، فماذا أنتم فاعلون؟ عامان، لا بل دهران، لكثافة ما حصل في غزة من أحداث.
بسم الله الرحمن الرحيم
مباشر من حفل اطلاق الحملة الرسمية لاحياء اليوم القدس العالمي التي يطلقها ملف شبكات التواصل في حزب الله
الوزير السابق للداخلية مروان شربل
ممثل الامين العام لحزب الله الشيخ الدكتور علي جابر يزور مطبخ مائدة الامام زين العابدين ع في برج البراجنة
قيادة الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي
الحاج حسن من بريتال: أزمة انتخاب رئيس الجمهورية سياسية وليست دستورية
تحت عنوان (على طريق القدس موحدون لمواجهة الفتن ومؤامرات التفريق بين أمتنا )
صنعاء بمواجهة العدوان المتجدّد: لا وقف لعمليّاتنا
الصوت الذي لم يستكن يوماً
المجتمع الاميركي علاقة الاميركي بالصهوينية .....
♦️مقال مهم وجدير بالقراءة للباحث في الاستراتيجية الاقتصادية والطاقة زياد ناصر الدين في موقع الميادين 110 أيام على الحرب..
العشائر على خطّ النار: بوادر حرب أهلية مفتوحة سوريا الأخبار السبت 19 تموز 2025 مقاتلون عشائريون يعبرون قرية الدور في ال
أبعاد ومآل استجابة اليمن لطلب حركة حماس
موجة هجمات يمنيّة جديدة على الكيان الجزيرة العربية رشيد الحداد الأربعاء 13 آب 2025 لا يعترف جيش الاحتلال بالعدد الحقيقي
نصار يبرّر: مخالفة القانون لحماية لبنان!
إسرائيل أمام التوازن الهش: لسنا وحدنا في سوريا المشرق العربي يحيى دبوق الإثنين 21 تموز 2025 رسم المسارات الكبرى يبقى في
توماس براك ينطق حقًّا ويتجاهل واقعًا
حماية «الأمن القومي» ذريعةً للحروب الأبدية نتنياهو للإسرائيليين: أنا منقذكم
إسـرائـيـل تـواصـل تـسـريـبـاتـهـا عـن قـدرات حـزب الله: تـحـضـيـر الـمـسـرح الـسـيـاسـي والـدبـلـومـاسـي لـلـعـدوان!
رئاسة الجمهورية لا تصنع كتلة نيابية: باسيل ليس قلقاً من طموح عون إلى الزعامة رلى إبراهيم الثلاثاء 8 تموز 2025 وبات من ا
الاخبار_ محمد نور الدين : استعجال تركي لقطف الثمار أنقرة لواشنطن: الكلمة العليا لنا
معارك ومناوشات طائفية وتزوير لتاريخ البلاد: «وطن النجوم»... حين يَشبك على النت
اليمن يودع رئيس الحكومة الشهيد احمد الرهوي ورفاقه من الوزراء
الـمـبـعـوث الأمـيـركـي تـوم بـراك
سعدون حمادة... المؤرخ المقاوم الذي صحّح تاريخ لبنان ثقافة
نعم.. لا تضعوا صورته ولا تطلقوا اسمه
الاخبار : تنافس في المطار على الانصياع للأوامر الأميركية
عقوبات أميركية جديدة على اليمن: صنعاء تصعّد ردودها الاقتصادية
ميقاتي يجمع النوّاب السنّة: الجميع لدرء الفتنة... إلا ريفي!
سنة
شهر
أسبوع
يوم
س
د
ث