❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
حمزة العطار
أحداث وأفعال وتصرفات تخرج من بعضهم تجعل البكاء مستحب بل واجب، بكاء الأسى على نكران الجميل ونسيان الافضال والتهجم على من كان للوطن على اختلاف طوائفه وجغرافيته عوناً، وانتقل التأييد إلى نفي لكل تلك الأفعال والتهجم عليها . هل جزاء الإحسان الا الإحسان ؟ وهل هكذا اشتهر عن العرب من رد الجميل ؟
بداية، من يستعرض تقديمات هذا الطرف من تضحيات تارة بالدم للزود عن الوطن وتحريره، وطوراً بتقديمات حياتية قصرت الدولة عنها لكافة أطياف الشعب وضمن كامل حدوده ومع اختلاف تعدداته الطائفية والمذهبية، تقديمات لم تبخل بتقديم الطبابة والعمران وكافة التحسينات الممكنة، ناهيك عن تقديم المحروقات في ظل أزمة عصفت بالبلاد وتقاعس من الجميع عن إمداد وطن جريح لو بليتر من المازوت، بحجج واهية وتبريرات لا منطقية، لتكون يد الرب ممتدة نحو هذا الشعب وهذا الوطن، بمدد يشبه مدد السماء وخيرات فاضت، أنعمت على القاصي والداني، رفضاً لذل الخضوع، وشعور النقص، وذل العوز، وتقديمات ما هو أسمى وأرقى، نفس البشر، فداءا للأرض والعرض، وتقديساً لروح البقاء أعزة دون ذل .
كلنا يتذكر، مواكب النفط التي أتت الينا حاملة ملايين ليترات من المحروقات، تنعش ظمأ لبنان لهذه المادة، في وقت عجز الجميع عن تقديم ليتر واحد لنا، وفي ظل أزمة عصفت ببلدنا وخنقته، وكلنا يتذكر أن تلك الكميات أرسلت إلى مرفأ بانياس في سوريا منعاً لإحراج بعضهم الذين لم يتجرأوا على قبول تلك الهبات، لتنتقل قوافل العز محملة نحونا وتتوزع في كل حدب، دون تمييز بين مسلم ومسيحي، لتعطي مرافق الدولة التي عانت الشح في تلك المواد، ويكون خيرها للجميع دون منة .
كلنا يتذكر الخامس والعشرين من أيار عام ٢٠٠٠ وقوافل الذل كيف اندحرت من جنوبنا بذل، بسواعد أبطال فوارس، بعد قرارات أمم متحدة طالت عقوداً من الزمن دونما تنفيذ أو جرأة بالطلب من الصهاينة تنفيذ الإنسحاب، وإعادة ما سلبوه من لبنان .
كلنا يتذكر صفحات العز التي خطتها أياد لأشخاص نذروا أنفسهم لله دوماً وما تركهم يوماً، ولم يكن عملهم إلا قربى لله وفي سبيل الوطن .
ذكريات وأحداث وأيام مرت، كتبت معها من عمل للوطن في كل ساعة، في سبيل هذا اللبنان الجميل كي يبقى جميلاً، وقدموا الغالي والنفيس قربى لبقائه عزيزاً .
في مقابل من كتب عنهم التاريخ منذ القدم، الذلة والمسكنة والخضوع والتعامل، ولم يكن في تاريخهم صفحة مشرفة أو وقفة عز، بل مُلئت تلك الصفحات بكل ما للنذالة من أوجه، من عمالة وتآمر وبيع لتراب هذا الوطن، أملاً في مكاسب صغيرة كصغرهم، لا ترتقي حتى للحديث فيها .
التاريخ يشهد، وصفحاته كتبت، من قدم كل شيء في سبيل رقيه، ومن باع كل شيء في سبيل مكاسب صغيرة، أصغر من اللاهثين إليها .
لن يرحم التاريخ أولئك ولن يترك كل صغارهم وحقارتهم دونما ذكر، وسيقول من قدم وضحى ومن أذل وانذل، وسيأتي يوم، لن تتوانى صفحات ذلك التاريخ عن سرد حقارتهم ووضاعتهم، حتى لو طال الزمن . لكن اليوم وفي ظل تلك الأحداث، فإن الفضيلة تبكي وتنوح، نتيجة عطاءٍ قُدم، ودماء انثرت، كي ينعم الجميع بنعمة الأمن والأمان، لأشخاص ما استحقوا يوماً هذه المكرمة، لذا وجب عليكي أيتها الفضيلة أن تبكي، وأيها التاريخ أن تتحسر على من قدم وضحى فداءاً لمن لا يستحق .