يعتمد العدو والخصم على مسار منظَّم وواضح يستهدف إغراق مجتمع المقاومة في الأمور التافهة...
وتحويل اهتمام الناس من بناء وعيٍ عميق إلى الاشتباك اليومي مع خطابٍ سطحيّ وتحريضيّ.
أغلب خطاب خصوم المقاومة اليوم قائم على الاستفزاز والتلاعب النفسي، لا على الحجة أو المعرفة، وهدفه الأساس هو إنهاك الأعصاب لا إقناع العقول.
لذلك كرّرنا مرارًا ضرورة تجاهل شخصيات مثل رامي نعيم وديما صادق وغيرهما ممّن لا يُقدِّمون أي قيمة معرفية أو سياسية حقيقية، بل يعتاشون على ردود فعلنا السلبية وتفاعلنا الغاضب معهم.
منذ أيّام بدأ البعض بالترويج لحلقة على قناة الجزيرة يشارك فيها فادي بو دية إلى جانب رامي نعيم...
على أن يكون فيصل القاسم هو المحاور المعروف باتجاهه وخطابه وأساليبه القائمة على التسخين لا التوضيح.
رامي نعيم الذي يهين سيّدنا الشهيد وكل شهدائنا، ويستهين بمقدّساتنا وكل ما نؤمن به، ويصل به الأمر إلى حدّ التحريض على قتلنا...
يُمنح في هذه الحلقة منبرًا إضافيًّا ومساحةً جديدة لتكريس هذا الخطاب.
بينما قَبِل فادي بو دية الجلوس في مواجهته في حلقةٍ سيكون عنوانها الأبرز الصراخ والمشاهدات، لا الحقيقة والفائدة.
ولا تقتصر خطورة هذا النوع من البرامج على الإساءة للمقاومة ورموزها، بل في أنّها تُعيد تشكيل وعي الناس بهدوء.
إذ تُختطف طاقة الجمهور من متابعة التحليل الجاد إلى إدمان الضجيج والمشاهدات.
مع الوقت، يتحوّل العقل من باحث عن المعنى إلى مستهلك للفضائح، وتضيع القضايا الكبرى وسط تراكم المقاطع المبتورة والمشاهد الاستفزازية.
فيُصاب الوعي الجماعي بحالة تبلّد وتشويش تمنع بناء إدراك سياسي سليم.
نصيحتي للجميع هي أن لا تُهدروا أوقاتكم ولا تُسهموا في منح مثل هذه البرامج ومثل هذه المشاركات شرعيّةً إضافية من خلال المشاهدة والتعليق والتداول.
لا تستهينوا بقوّتكم أنتم كجمهور في فرض معايير جديدة على الضيوف والبرامج، وإجبار المحلّلين والإعلاميين على احترام عقولكم...
وبذل جهدٍ حقيقي لتقديم قراءاتٍ رصينة وتحليلاتٍ منهجية بدل المتاجرة بغرائز الغضب والاستفزاز.
أنتم، باختياراتكم، مَن يحدّد مستوى الخطاب العام، فإمّا أن ترفعوه وإمّا أن تتركوهم يجرّونكم إلى مستنقعهم.