
لا يمكن التعامل مع الجولة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو داخل الأراضي السورية، هذا الأسبوع، على أساس أنها تفصيل عابر، خصوصاً أنها جاءت بعد اللقاء الذي جمع الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، من دون أن يقود ذلك إلى الخطوة التي كانت منتظرة، أي توقيع إتفاق أمني بين تل أبيب ودمشق، لا بل ان وسائل الإعلام العبرية تحدثت أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تمسك سوريا بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي سيطر عليها بعد سقوط النظام السابق.
بالنسبة إلى هذه المصادر، تؤكد إسرائيل، في كل يوم، أن لديها مشروعاً واسعاً لن تتخلى عنه، لا بل ترى أن الفرصة مناسبة، في الوقت الراهن، للذهاب بعيداً في تنفيذه، لافتة إلى أن الساحة السورية هي المسرح الأساسي له، وهو يقوم على تقسيم دول المنطقة إلى كونتونات، طائفية وعرقية، تقدم نفسها على أنها الحامية لكل منها، كما يحصل مع الدروز في محافظة السويداء السورية، وتضيف: "في الأصل تسعى تل أبيب إلى تعزيز مخاوف الأقليات، وهي عمدت في الفترة الماضية إلى تنظيم مؤتمر خاص لهم في تل أبيب".
ضمن هذا السياق، ينبغي فهم التصريحات التي كانت قد أدلت بها مستشارة نتانياهو للشؤون الدولية كارولين غليك، التي تحدثت عن تغير في رؤية سكان المنطقة بشأن إسرائيل، لافتة إلى أن "الأقليات في المنطقة يرون فيها صديقة لهم أخيراً"، لكن الأبرز يبقى طرحها علامات إستفهام حول دور واشنطن، فيما لو نجحت السلطة الإنتقالية في دمشق في القضاء على الدروز، من خلال الإشارة إلى أن "الدور التالي سيكون الأكراد والعلويين، ثم نجد الجيش التركي في سوريا، فهل ستأتي الولايات المتحدة لإنهاء هذا الوضع"؟.
في هذا المجال، تعتبر المصادر المتابعة أن الأخطر في الطرح الإسرائيلي هو أنه يأتي في مرحلة تفكك سياسي وإجتماعي في المنطقة، حيث أنه ينم عن تفكير إستراتيجي داخل تل أبيب، يقوم على إستغلال الصدامات الداخلية، التي وقعت في سوريا والتي تدفع إليها هي نفسها في لبنان، لتقديم نفسها الجانب القادر على تأمين الحماية لمن يحتاج لها، في ظل المشاكل التي يعاني منها البلدان والضغوط التي يتعرضان لها، من دون تجاهل التوترات الداخلية التي من المرجح أن تتصاعد أكثر في كليهما.
وتدعو المصادر نفسها إلى التوقف عند نقطتين فيما أدلت به غليك: الأولى السعي إلى تكبير الخطر التركي، بالرغم من أنها تدرك أن أنقرة لن تذهب إلى أي مغامرة مباشرة في الداخل السوري، إلا أن الهدف هو السعي إلى تعزيز مخاوف الأقليات بشكل أكبر، أما الثانية فهي طرح علامات الإستفهام حول الدور الأميركي، حيث أنها أرادت أن تقول أن تل أبيب هي الوحيدة الضامنة لتلك الأقليات.