أسماء الجرادي
تزخر سجلات الأوطان بأسماءٍ لمعت ببريق العطاء والتضحية، وارتقت بجهودها إلى مصاف القادة والقدوات. ومن بين هذه القامات الوطنية الشامخة، يأتي اسم الأستاذ حميد عبدالقادر عنتر، مستشار رئاسة الوزراء ورئيس الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي، كنموذج فريد للمناضل الذي وهب حياته لخدمة شعبه وقضايا أمته.
لقد كان ولا يزال قلبًا نابضًا في جسد هذه الأمة، يجمع الأحرار من أبنائها، يعلّمهم ويوجّههم نحو قضاياهم المصيرية. امتلك بصيرة نافذة وقدرة فذة على تحفيز الطاقات الكامنة، ومساعدتهم على إيصال صوتهم ومواقفهم وأفكارهم التي تعبّر عن ضمير الأمة. فكانت النتيجة علاقة فريدة مبنية على الحب المتبادل؛ أحبهم وأحبوه، لأنه رأى فيهم شركاء في الهم والمهمة، ونُصرة القضية، وفي بناء الوطن والدفاع عن كرامته.
في شخصيته، تجلت أسمى معاني الحب والوفاء والصدق.فهو مدرسة حقيقية نتعلم منها الانتماء الصادق للوطن وروح التضحية. لم يكتفِ بالتوجيه فقط، انما هو قدوة عملية في العمل بإرادة قوية ونشاط مضاعف، متحديًا كل الصعاب التي قد تثني العزائم. هو الأب الذي يهتم بأبنائه، يرعاهم، ويفكر بما يسعدهم ويبعد عنهم الملل، حريصًا على أن يبقوا بنفس النشاط والعزيمة التي يتمتع بها.
وما يزيد من عظمة هذه الشخصية، تواضعه الجم وإيثاره النادر. فما أن يُكرم أو يُقدّر على جهوده، حتى يكون أول ما يشغله هو أبناؤه وإخوته وأعضاء مؤسسته. لا تكتمل فرحته إلا بسعيه لتكريم جميع أعضاء فريقه، إيمانًا منه بأن النجاح عمل جماعي، وأن الفضل يعود للجميع. إنه دائمًا ما يحرجنا بأخلاقه الرفيعة وعطاءاته التي لا توجد إلا في القلة القليلة من البشر في زماننا. ومهما كتبنا، فلن نستطيع أن نوفيه حقه أو نعبّر عنه كما ينبغي.
إن هذه الروح القيادية، التي تجمع بين الحكمة والعطاء، والقدرة على الإلهام والتحفيز، تجعله نموذجًا نادرًا في المشهد الوطني. فكم نحن بحاجة اليوم إلى مسؤولين يحملون هذه الصفات، يضعون مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، ويعملون بلا كلل رغم قسوة الظروف.
نسأل الله العلي القدير أن يديمه للوطن وهو في أحسن حال، وأن يبارك في جهوده المخلصة. وندعو القيادة السياسية والثورية إلى الاهتمام بمثل هؤلاء المناضلين الأوفياء، فهم ثروة وطنية لا تُقدّر بثمن، وإن فقدناهم، فلن نجد أمثالهم بسهولة في زمن عزّ فيه الرجال.