❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
بقلم الدكتور علي محد احمد ( دكتوراه في علم التواصل الرقمي)
كان القائد الذي يجمع الخصوم من اعلاميين وسياسيين في مكتبه المتواضع، ويحاورهم بلهجة عالية، صارمة، دقيقة، علمية، ومنهجية. والمفارقة أن الخصم — قبل الحليف — كان يتقبل نقده اللاذع بكل رحابة صدر، لأنه يعرف من هو الحاج محمد، ويعرف أن منطقه أسبق من انفعاله، وأن رؤيته أعمق من أي ردة فعل.
ومن عرفه من الشباب يعرف جيدا كم كان هذا القائد يعشق نقل خبرته. كان شغفه صناعة الرجال، وتكبير الكفاءات، وفتح الطريق أمام من يرى فيه طاقة وأهلية. وكان يظهرهم أمام ضيوفه عن قصد، ويحرص على حضورهم في اللقاءات التي تجري في مكتبه، لينقل إليهم التجربة، ويمنحهم مساحة ليكونوا جزءا من الحوار لا مجرد شهود. ومن خلال ذلك، كان يرسل رسالة للخصوم والحلفاء في آن واحد: الحزب أمة ولّادة… والمسيرة مستمرة.
لا تعد ولا تحصى مواقف الحاج محمد في الحرب، إحداها وصلت في أكثر لحظات الحرب قسوة، رسالة من واحدة من أهم المراسلات الحربيّة في العالم. جملة قصيرة من عشر كلمات، لكن بين سطورها عشرات الإشارات. وحين نقلت إليه الفكرة، كان رده هادئا رغم كل شيء: يريدون قتلي… ويهددونك. أعرف أن الحرب لن تنتهي وأنا حي. الحياة بلا السيد ليست حياة. لكن انتبه لنفسك، أعرف أنك لا تخاف. رحم الله والدك.
بهذا الصفاء، وبهذا الثبات،وبهذه الطمأنينة، كان يواجه أخطر المواقف.
رحل الحاج محمد…
لكن بقي أثره وبصمته التي لا تمحى، وبقيت طريقته ومنهجه ومدرسته في العمل الإعلامي. ونسأل الله أن يهيئ يوما في القريب العاجل نكتب فيه تجربته كما يجب: علمية، دقيقة، أمينة… ليصبح أسلوب عمل محمد عفيف مدرسة في الإعلام، تدرس فيها كيفية إدارة الأزمات الإعلامية، وتحفظ بها روح قائد لا يتكرر.