الاخبار: هداية محمد التتر
وأوضحت الطالبة بيسان لـ«الأخبار» أنها واجهت صعوبات جمّة خلال مرحلتها الدراسية، وقالت «لم أفقد الأمل وواصلت رغم الإحباط الذي كان يصيب بعض الطلاب نتيجة تأجيل الاختبارات مرات عديدة».
وفي الثاني عشر من نيسان 2024، فقدت بيسان عائلتها المكوّنة من عشرة أفراد، ونجت وحدها بإصابات ما زالت تعاني من آثارها حتى الآن، كسور وحروق في الرجل اليمنى، وأضافتأن «فريق الإنقاذ والأطباء ظنّوا أنني شهيدة. كُفّنتُ ووُضعتُ إلى جانب عائلتي حتى رأتني إحدى الممرّضات أرمش، فنقلتني إلى الطوارئ».
وأشارت بصوت تخنقه العبرات، إلى أن «ذلك الموقف أعطاني الأمل في الحياة ودفعة كبيرة لتحقيق حلم والدتي بالحصول على شهادة الثانوية، التي كنت أتمنى لو كانت معي لحظة إعلانها»، لافتة إلى أنها كانت تذهب على عكّازيها إلى المراكز التعليمية ونقاط الإنترنت لتحميل فيديوهات شرح المنهج، ثم تعود لدراستها وحدها.
أفراح رغم الجراح
وبمشاعر يغمرها الفرح، قالت الطالبة شهد عيّاد، الحاصلة على معدل 91.4% في الفرع العلمي، إنها «تمكنت من انتزاع ذلك المعدل من أنياب الاحتلال الإسرائيلي الذي سعى إلى قتلنا وطمسنا وحرماننا من الوصول إلى هذه اللحظة التي نحدد فيها مستقبلنا ونواصل فيها مشوار طموحنا».
وأوضحت شهد لـ«الأخبار» أن «التحديات كانت تحيط بنا من كل حدب وصوب، بدءاً من النزوح نحو جنوب القطاع، مروراً بالبحث عن نقاط لشحن الهاتف المحمول، ثم الذهاب إلى منطقة تتوفر فيها شبكة إنترنت لتحميل فيديوهات شرح المنهج، للعودة بعدها إلى الخيمة تحت أزيز الطائرات المسيّرة، وليس انتهاءً بالخيمة التي تحيط بها أصوات الانفجارات بينما نجلس نتابع الدروس بأمعاء خاوية وعلى ضوء كشاف الهاتف المحمول».
وأشارت إلى أن اليأس غزاها مرات عدة «نتيجة التأجيل المتكرر لاختبارات الثانوية العامة التي تقدمت إليها في ظروف صعبة جداً، أصدر خلالها جيش الاحتلال أمراً لسكان مدينة غزة بالنزوح نحو الجنوب»، مستدركة أن «حلمي بأن أصبح طبيبة أسنان كان يوقظني من حالة اليأس ويعيد إليّ الأمل في الحياة ومواصلة الدراسة».
ولفتت إلى أنها كانت تضطر أحياناً للسير نحو 5 كيلومترات حتى تصل إلى منطقة يتوافر فيها الإنترنت بشكل جيد لتقديم الاختبارات عبر التطبيق المخصّص للثانوية العامة. وتقول متحدّية إن «الاحتلال الإسرائيلي عمل على هدم التعليم في سبيل تجهيلنا ومنعنا من استكمال دراستنا التي تساعدنا على النهوض بقطاعنا الحبيب، إلا أننا قاومنا كل وسائله التدميرية ونجحنا بتفوّق».
وفي حالة استثنائية، أثارت قصة الطالبة الشهيدة ضحى نظمي أبو دلال، من مخيم النصيرات، موجة واسعة من التفاعل بعدما انتشرت صورتها مع معدلها 96.7% على مواقع التواصل، حيث ارتقت برفقة 18 شخصاً من أفراد عائلتها إثر استهداف طائرات العدو منزلهم، بعدما خرقت قوات الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار الشهر الماضي، لتكون شاهدةً على مجزرة ارتُكبت بحقها وبحق عائلتها دون أي ذنب.
نظام استثنائي
وبعد عامين من الإبادة الجماعية حُرم خلالهما طلاب الثانوية العامة من التقدم لاختبارات دورتي 2024 و2025، اللتين يُبنى عليهما مستقبل التعليم الجامعي، اضطرت وزارة التربية والتعليم إلى إصدار نظام إلكتروني مكّنهم من التقدم للامتحانات في شهري أيلول وتشرين الأول من العام الحالي.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن النظام الاستثنائي لطلاب قطاع غزة مكّن نحو 56 ألف طالب من مواليد 2006 و2007 من التقدم للامتحانات على دفعتين متتاليتين. نجح في الأولى نحو 26 ألف طالب، وفي الثانية نحو 30 ألف طالب وطالبة، ليصبحوا مؤهلين للالتحاق بالجامعات.
وإثر هذا الإعلان، عمت أجواء الفرح خيام النزوح احتفالاً بالأبناء، بعد غياب هذه اللحظات لعامين كاملين، لتعود بذلك الحياة إلى قلوب مثقلة بالآلام والجراح التي أصابت معظم الغزيين إن لم يكن جلّهم.

