الأخبار
في ما يلي أبرز هذه الإجراءات، ومدى تأثيرها، وانعكاساتها الاقتصادية والسياسية المحتملة، في وقت أعلن فيه الاتحاد الأوروبي، بالتوازي، وقفاً كاملاً لواردات الغاز الطبيعي المسال الروسي بحلول نهاية عام 2026.
مجموعتان استراتيجيتان مستهدفتان
تشمل العقوبات الأميركية تجميد جميع أصول شركتَي «روسنفت» و«لوك أويل» في الولايات المتحدة، إضافةً إلى منع الشركات الأميركية من التعامل معهما.
وتنتج «روسنفت»، التي تملك الحكومة الروسية غالبية أسهمها، نحو 40% من النفط الروسي، فيما تسهم «لوك أويل»، وهي شركة خاصة، بنحو 15% من الإنتاج. كما تنتج الشركتان الغاز أيضاً.
ويُعدّ هذان العملاقان ركيزة أساسية للعائدات النفطية والغازية التي تموّل المجهود الحربي الروسي ضدّ أوكرانيا. ولهذا السبب، تعرّضت، في الأشهر الأخيرة، عدة مصافٍ تابعة لهما لهجمات بطائرات مسيّرة أوكرانية، ما أدّى إلى تراجع الإنتاج وارتفاع أسعار الوقود داخل روسيا.
كما أعلن الأوروبيون حزمة جديدة من الإجراءات تستهدف القطاع النفطي الروسي، تشمل حظراً كاملاً لواردات الغاز الطبيعي المسال بحلول نهاية عام 2026، وإجراءات ضدّ ناقلات «الأسطول الشبح» التي تستخدمها موسكو للالتفاف على العقوبات.
وقد خفّض الاتحاد الأوروبي اعتماده على الغاز الروسي بشكل كبير منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، إذ تراجعت حصة الغاز الروسي في وارداته من 38% قبل الحرب إلى 7% فقط حالياً، وفقاً لحسابات أجرتها وكالة «فرانس برس» استناداً إلى بيانات «معهد بروغل» الأوروبي.
باتت شركتا «لوك أويل» و«روسنفت» على قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات الأميركية، التي تراقبها أيضاً العديد من الدول.
وقد تتعرّض الشركات التي تتعامل معهما لعقوبات غير مباشرة، من بينها الحرمان من الوصول إلى المصارف الأميركية وشركات الشحن والتأمين التي تشكّل العمود الفقري لأسواق السلع العالمية.
وتقول الخبيرة في مركز «أتلانتيك كاونسل» في واشنطن، مايا نيكولادزه، لوكالة «فرانس برس»، إن التهديد بالعقوبات الثانوية «مهم جداً»، لأن أحداً لا يريد أن «يُحرَم من العلاقات» مع القطاع المصرفي الأميركي القوي والمهيمن على المعاملات بالدولار.
ووفق الخبير الروسي أليكسي غروموف، تهدف هذه العقوبات أساساً إلى منع التعاملات النفطية بين روسيا والهند بالدولار، إذ أصبحت نيودلهي من أبرز مستوردي النفط الروسي.
واعتبر غروموف أن الخطوة تشكّل «ضربة كبيرة ستعقّد عمليات تسليم النفط الروسي إلى الهند»، مضيفاً أن العقوبات لن تؤثر على التجارة مع الصين، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، لأن تعاملات البلدين تجري باليوان وليس بالدولار.
ولفت إلى أن محاولات الالتفاف على العقوبات ستكبّد روسيا «تكاليف إضافية» وتؤدي إلى تراجع عائداتها من النفط والغاز.
العقوبات بدلاً من التصعيد العسكري
أما المحلل غيورغي بوفت، فرأى، في حديث لإذاعة «بي أف أم» الروسية، أن «مشاريع لوك أويل وروسنفت الخارجية ستتضرر، لأن الشركاء لن يرغبوا بالعمل في ظروف مماثلة».
ورأى بوفت أن ترامب «اختار العقوبات الاقتصادية بدلاً من التصعيد العسكري»، مشيراً إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فشل في إقناع ترامب، خلال لقائهما الجمعة في واشنطن، بتزويد كييف بصواريخ «توماهوك».
لكن ترامب ذهب أبعد من سلفه الديموقراطي جو بايدن، الذي كان قد فرض عقوبات على شركتين روسيتين أصغر حجماً، هما «غازبروم نفط» و«سورغوت نفتيغاز»، قبل مغادرته البيت الأبيض.
وقال بوفت إن «إدراج أكبر شركتين نفطيتين روسيتين في قائمة العقوبات الأميركية تطوّر لم يُقدِم عليه حتى بايدن».
وأكد المحلل خورخي ليون، من مركز الأبحاث «ريستاد إنرجي» في النروج، لـ«فرانس برس»، أن الخطوة تمثّل «تحوّلاً في مستوى الضغط السياسي على روسيا».
وأشار إلى أنه من غير المؤكد أن تتمكّن الصين وحدها من تعويض خسائر الصادرات الروسية إلى الهند وتركيا.
ولفت ليون إلى أن العقوبات على «لوك أويل» و«روسنفت» سوف «تقلّص المبيعات الرسمية وربما تزيد من نشاط الأسطول الشبح الروسي» لنقل النفط خلسة.
في المقابل، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أن بلادها «محصّنة» ضد هذه الضغوط الاقتصادية، فيما اعتبر زيلينسكي أن الخطوة الأميركية «رسالة قوية» لموسكو لإنهاء الحرب.

