❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
حمزة العطار
مثل شعبي يتناول أقصوصة قديمة تتحدث عن فتيات رفضن أن يخرجن عاريات من حمام السوق الذي يحترق فكل واحدة خجلت وأخذت قرار البقاء وعدم الخروج على هذه الشاكلة(عارية)، التهمتها النيران المستعرة وماتت، فبات شائعاً عند الناس أن كل النساء اللواتي استحين كانت نتيجة حيائهن وعدم الخروج هي الموت فبات متعارفاً أن " اللي استحوا ماتو" ولا تزال حتى تاريخنا في هذا اليوم هذه المقولة شائعة، صحيح أنها تبتعد عن بيت القصيد ولكن العفة والحياء والمروءة والشهامة وغيرها، صفات حميدة حضت كل شرائع السماوات عليها، لدرجة أنها أوجبتها في بعض الأحيان .
أما حديثنا اليوم عن فئة، يا ليتها خجلت واستحت لو بعض الشيء، قبيل الهاوية، لأنها تودي ببلادها إلى الخراب والاستبداد الخارجي . أجل هم يسيرون بنا نحو النهاية، ضاربين بعرض الحائط كل قيمة حسنة، سُجلت صفحة ناصعة في صحيفة تاريخها وتناقلتها الأجيال افتخاراً بتلك الفضائل، للأسف بتنا اليوم أمام أشخاص، يفتخرون بتقاعسهم وخذلانهم، نعم خذلان لا يمكن أن تلطّفه كلمة أخرى، وتقاعس لن يوصِل أصحابه الا نحو الهلاك .
تأخرت مرات ومرات عن كتابة أسطر تحكي هذا الخذلان، لدرجة أن أناملي باتت تعاندني، متوسلة صوغ بعض فعائلهم، علها تكون عبرة لمن يلاقي بعض وقت لقراءة تاريخ أسود امتد لعقود لو ينصفنا التاريخ لإنتزعها من تاريخ العرب والمسلمين الناصع بحكايا العز، واكتفى بذكر بعض بطولات يمنية وأخرى لبنانية، ودعم فارسي، حفظ لهذه الأمة بعض كرامة، تبذلها دونما مقابل، أو ربما دفاعاً عن كرسي لن يدوم، مسجلين أسوأ تاريخ عروبي مضى .
صدقوني ايها الأعزاء، لقد أخجلنا بعض العرب بخنوع لم تكتب صفحات التاريخ شبيهاً له، ولم تذكر كتب السابقين مثيلاً لهذه المذلة . لن أكتب عن مذلة عربية تخطت حدود الجغرافيا ليكتبها التاريخ، صفحات ذل في تاريخ بعض رؤوساء وزعماء وشيوخ وملوك، ارتضوا الذل طريقاً والطأطأة مُفتاح وصول إلى مناصب معينة واستمراريتها، في مقابل قلة متباعدة جغرافياً متطابقة في عرف العروبة والاسلام، جمعتها قضية القدس ووحدتها مشاهد البؤس والجريمة التي أدمت القلوب والعيون، فولدت توجهاً واضحاً لا يحيد، نحو عدو بدايته كانت الجريمة، ودوامه كان التنكيل، فسطروا ويسطرون، ملاحم شابهت في فصولها، ما سمعناه يوماً وقرأناه عن بطولات عربية وشهامة ثابتة، قد ألبستها ثوب الذل بعض حكومات العرب والمسلمين الحالية، وصرنا نرى أن الجهر بأحقية فلسطين للفلسطينيين انفسهم، جريمة يتبعها أحداث، قد تفقد البعض منهم مناصبه وحوافزه .
أيضاً لن أغوص في مستنقع عروبة بالية، لم تعد تعرف من قيمها شيئاً وهي ترى اطفال فلسطين ونساءهم، يُقتلون غيلة في كل يوم، ويجَوعون يومياً، لذنب ارتكبوه، أنهم أصحاب حق في وجه غطرسة صهيونية .
يلفتني في كل مجريات وأحداث ما يحصل اليوم، كمية المذلة التي يتعرض لها بعض رؤساء العرب وحكامهم، من قبل صغار موظفين اميركيين، وعبارات سوقية، مهما حاولنا أن نُلطِف في ترجمتها، لن تصل سوى لمفهوم واحد، أن أقبلوا رغماً عنكم بشروط مذلة اخترناها لكم، لأنه لم يعد أمامكم من خلاص .
الذل الذي رأيناه مع أكثر من موظف في الإدارة الأميركية، ينبأ بالأسوأ القادم، اذا لم تتدارك هذه الحكومات ما أوصلت شعوبها له، فقد أذلتهم ذلاً رفضته الشرائع السماوية سابقاً والقوانين الوضعية حالياً، والمفاهيم الإنسانية في كل آن، لدرجة بتنا نرى ونسمع بعض المواقف التي تخرج عن بعضهم، وفيها كل ألوان وأشكال الذل والهزيمة والخنوع .
لن أدخل في تفاصيل خنوع متعدد الاتجاهات،بل سأكتفي بمقولة أن ترقبوا غضب شعب كبير، لا تزال تنبض فيه عروبة وشهامة، ورجولة ومرؤة، ورِثوها عن أجدادهم، وقد تتفجر في أحيان قريبة، تعيد للكرامة التي سُحقت، بعض كرامتها، بل سأكتفي بالحديث عن تزلف لبناني، واستجداء اتفاقيات سلام وتطبيع، مع إصرار على إزالة العائق الوحيد وهو المقاومة .
لم أتفاجأ بكل التواطأ والعجرفة، وأسلوب الكلام المشين، الذي يمارسه ساسة الغرب، خصوصاً أميركا، والذي معه منعوا لبنان، التدخل زوداً عن أرزاق هنا وهناك، ولن أدخل في سجالات من معي في استراتيجية دفاعية، ومن ضدها، مع أن الجواب بات واضحاً، والروح الانهزامية، باتت جلية، بل أطلب من كل عربي ولبناني غيور، أن يراقب عن كثب، أسلوب الدناءة التي انتهجها المفاوضون وما اخر تفاصيل قضية عالمنا العربي والاسلامي، بل أطلب السؤال بتجرد، عن مقدرة العرب حكومات مجتمعين على انهاء نزاع حاصل اليوم واقتطاع أراض بلا حسيب أو رقيب .
لقد وصلت الطاعة العمياء من قبل بعض هؤلاء الحكام، لاسيما في لبنان، إلى مراتب مخيفة تجاه الموظفين الأميركيين، لدرجة باتت رؤاهم وتمنياتهم، أموراً وجب تنفيذها حتى لو كانت على حساب الشعب أو الدولة، ضاربين بعرض الحائط كل وسيلة قد تحفظ كرامتهم وتقوي مواقفهم أمام الغرب، ليبدو الفرق واضحاً في كيفية التعاطي الإيراني مع لبنان وشعبه وحكومته، " أسياد عند الولي الفقيه، في مقابل تعاطٍ غربي، أميركي، تظهره شاشات التلفزة دوماً في فصول جديدة من فصول الذل .
تعدت حقارة الأميركيين كل الخطوط الحمر، لدرجة أنها شتمت الصحافيين واستخدمت ألفاظاً أقل ما يقال عنها، أنها سوقية شوارعية دون أن نسمع إدانة أو رفض، بالأحرى دون أن يجرأ أحدهم على توجيه اللوم، في وقت قامت الدنيا ولم تقعد بعد تصريح لمسؤول ايراني، وصف فيه الواقع دون انتقاص من كرامة لبنان أو اللبنانيين .
لقد اقتربت خواتيم القصة، واقتربت النهاية التي لن تسفر الا عن موجات غضب من قبل شعب أبي، يتوجه بالإدانة لموظفين غربيين وحكام متخاذلين .
تُكتب اليوم اخر فصول رواية استمرت لعقود وقرون خلت تحكي النبل والمرؤة والقيم الموجودة في قلوب وعقول ووجدان أبناء هذه الامة، في مقابل تكبر وتعجرف وتفرعن أجنبي واضح، لتكون الخاتمة المرجوة والمتوقعة، أنّ من رفض الظلم سابقاً وعلّم المحتل دروس التضحية كيف تكون، لم يتغير أحفادهم ولا يزالون يسيرون في درب التضحية بكل غالي، فداءً لتراب الوطن وحفاظاً عليه، في مقابل من باعو أرضهم وكرامتهم سابقاً وأورثوا أحفادهم الخنوع والخضوع وتعودوا أن يكونو خداماً عند كل سيد .
معركة الحق والمنطق والكرامة لم تتوقف يوماً ولن تتوقف، وأحفاد من خُطت أسماؤهم بدماء العزة لا تزال، لتكون منارة ودستور حياة لأبنائهم، وتعود الكرة مجدداً ويعود التوصيف، أن يبقى الثائر والمقاوم ثائراً من جيل إلى جيل، ورث الكرامة عن أجداده، ويبقى الخائن والخاضع أيضاً مع انتقال الأجيال، ويبقى طريق الخلاص دوماً، ترسمه سواعد المضحين في سبيل الكرامة ورفض الذل .