❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
بقلم حمزة العطار
أيام تسارعت وأشهر مرت واقتربت سنوية الراحلين، تعيد الحنين واللوعة، ويلتهب الشوق مجددا، لتعود المخيلة إلى رفض الفراق، كيف وهو الذي اعتادت أفئدتنا على التداوي بعذب صوته، وطمئنينيته التي تتسلل إلى القلوب، لتطرد كل توتر وقلق، وتنام ملء الجفون، يسكنها ذلك الصدى الذي اعتاد زرع الأمان في نفوس الخائفين .
انقضى العام الأول في ظل رفض لما حصل، وعدم تصديق بذلك العصر الكئيب، أتراه هل رحل ؟! تاركاً خلفه الكثيرين ممن كانو يهنأون بنومهم يرافقهم يقين السلامة وأمان الليل، طالما أنه ورجاله بخير .
الخطاب الشهير بعد انتصار تموز العظيم عام ٢٠٠٦ لا يزال يصدح، ولا تزال قلوب أشرف الناس وعيونهم، تنتظر والهة، لقاء المعشوق الذي عرفه دوماً، سيد الصدق وصادق الوعد وصانع النصر، بل راسم كل الانتصارات .
عام كئيب مر على المحبين، لا يزالون يرفضون فكرة الرحيل، لا يزال العاشقون ينتظرون معشوقهم، ولا تزال كلماته تطرب الآذان ولا يزال ذلك الصوت الهادر، يصدح مدوياً، يملأ العدو رعباً والمحبين أماناً ويقين بنصر الله الذي علا فتعالى فكان القديس وكان النبي وكان الامام، وكان الدين كله في لحظات تخلي عن الحق .
ليتك يا سيدنا لم تمت وليتك لم ترحل، وليتك لم تغب، فقد أظلمت كل الدنى، وتكالبت كل العدا، وبات حلفاء الأمس، تاركين لنهجك ولاهثين نحو الحقائب المليئة بأوساخ الدنيا، لم يصمتوا فقط، بل علا صوتهم، وارتفع نباحهم، كأنك المارد الذي كانو يهابونه، والصنديد الذي أرعد، أصمّهم من هول الغضب .
لماذا رحلت يا غالي، لمن تركتنا، فقد بات عملاء الامس، وأبناء الرذيلة، يتفاخرون بالسعي في دروب أخرى، دروب الباطل دون الحق، لأنها أعطتهم الأمان المزيف، وزودتهم بعض قوت، يقويهم على النباح والصراخ .
هل تنظر إلى حالنا بعدك ؟
هل ترى أين بات بعض أصدقاء الامس ؟!
هل ترى تطاول بعضهم الذي لم يكن ليُذكر اسمهم لولاك ؟
أين رحلت، كيف رحلت، ولِمَ رحلت ؟!
لِمَ أيتمت هذه الجموع التي عشقت وتعلقت بطهر عباءتك ؟
ماذا عساها تفعل ؟
كيف ستصبر ؟
نعم، إنه طريق الكمال بالوصول نحو الكمال، ومن غيرك يستأهل ذلك الشرف العظيم وتلك المرتبة العالية ؟
ما خلتك تترك أولئك الذين سبقوك دون أن ترحل، نعم إنه الشوق للحاج قاسم والحاج عماد والموسوي والجميع، هو ذلك الذي أسرع بك نحو الرحيل، ودفعك للهروب من فناء إلى بقاء، ومن دار مقر الى دار المستقر .
نفتقدك وأنت الذي لطالما خبرت وحوش الغابة، و أجدت طريق إخضاعهم، إرعابهم، قهرهم وأكثر .
العزاء بحجم الفقد، والحرقة بحجم الشوق لكن القادم خير، ولكل الخير بإذن الله، فلقد حمل الأمانة من بعدك من هم أهل الأمانات، ساروا ويسيرون على الدرب الحسيني، ولن يتركوا الراية، بل سيحافظون عليها ليأخذها صاحب الأمر حين الحقيقة .
نعم يا سيدي، فلقد تابع المسير، خير خلف لخير سلف، ولم يضيعوا البوصلة أو يفقدوا الاتجاه . نعرف أنهم البقية الباقية والخيرة التي اختارها الله، ولكن يا سيدنا، تبقى جمرة الفرقة تحرق القلوب وتخاطبها، في كل لحظة اشتياق، وكل لحظاتنا بعدك هي اشتياق،هي لوعة وحرقة فراق .
ولكن فلتطمئن روحك في علاها، فأبناؤك لا يزالون منارات الدرب وحماة الوطن ولا يزالون يؤرقون المعتدين والطامعين من الخارج والمتخاذلين الخائفين من الداخل، وستبقى روحك حية فيهم، تتفقد الجميع وتتطمئن عليه .
سلام لقامة رحلت نحو السماء، وتركت كثيراً من إرث البطولة والتضحية، كما وخلفت عشرات آلاف ممن أعاروا الله جماجمهم وقدموا أنفسهم فدءاً على مذبح الوطن .
فلتهنأ روحك في السماء، ولتطمئن بأن زرعك أثمر الكثير ولا يزال يثمر، وبأن رجالك الذين عشقوا القضية كما عشقوك، لن ينسوا ما علمتهم إياه طول مرور السنين .
عام على الرحيل ولو حتى ألف عام، لن تغيب من مخيلة وذاكرة كل محب وعاشق، ولن يُنسى كلامك فيهم، سيبقى نبراساً ودستور حياة، وستبقى قضيتهم الام التي زرعتها فيهم هي فلسطين، وتبقى بوصلتهم الدائمة والوحيدة، هي القدس .
سلامٌ لك اينما تكون، سلامٌ لك مع كل صباح وإشراقة يوم جديد، سلامٌ لك في الأرض التي روتها دماؤك فأثمرت حباً وانتصار .
حمزة العطار