الأخبار
الثلاثاء 12 آب 2025
لعلّ «قسد» بدأت تستشعر جنوح دمشق نحو الحلول العسكرية، وهو ما عبّرت عنه بتصريحات صدرت عن عدد من قيادييها (أ ف ب)
أثار قرار وزارة الدفاع السورية إرسال وحدات إضافية إلى محيط مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، بالقرب من سدّ تشرين وصولاً إلى دير حافر في ريف حلب الشمالي الشرقي، ردود فعل سلبية لدى «قسد»، وقياداتها التي سارعت إلى إطلاق تصريحات، أعلنت فيها رفضها تسليم السلاح واستعدادها للمواجهة إذا فُرضت عليها، مع تأكيد جاهزيتها للمشاركة في جولة المفاوضات المُقرّرة في باريس، حتى لو قرّرت دمشق مقاطعتها.
وعلى الرغم من إصدار الوزارة بياناً أوضحت فيه أن مقاطع الفيديو التي تداولتها وسائل إعلام عديدة، بينها صفحة قناة «الإخبارية السورية»، حول إرسال تعزيزات إلى خطوط التماس مع «قسد»، ليست سوى تدريبات اعتيادية، فإن المؤشرات الميدانية تعكس ترتيبات عسكرية لاحتمال اندلاع مواجهة، في حال تعثّر المسار التفاوضي لتطبيق اتفاق 10 آذار الموقّع بين الرئيس السوري في الفترة الانتقالية أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي.
والواقع أن دمشق لم تكتف بإرسال التعزيزات نحو خطوط التماس في ريف حلب فحسب، إنّما دفعت أيضاً بتعزيزات عسكرية في اتجاه سرير نهر الفرات، الفاصل مع مناطق سيطرة «قسد» في دير الزور والرقة، الأمر الذي يناقض عملياً الرواية الرسمية، على الأقل من الناحية الميدانية. وفي هذا الإطار، يؤكّد مصدر ميداني، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «التعزيزات العسكرية تصل يومياً إلى خطوط التماس في حلب ودير الزور والرقة»، مبيّناً أن تلك التعزيزات «تشمل أسلحة متوسطة وثقيلة، مع تدريبات شبه يومية لرفع جاهزية القوات، في مؤشر تصعيدي إلى إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية بين الطرفين».
ويعتبر المصدر أن «بيان وزارة الدفاع موجّه أساساً إلى العواصم الضامنة، كواشنطن وباريس، للتأكيد أن الخيار العسكري ليس مطروحاً حالياً، وأن الأولوية للحل السياسي»، مضيفاً أن «تركيا تشجّع دمشق على الخيار العسكري، وتحثّها على الاستعداد له، وهي من دفعتها إلى إعلان مقاطعة اجتماع باريس، بذريعة انعقاد مؤتمر الحسكة (كونفرانس وحدة المكوّنات في شمال شرق سوريا)»، متابعاً أن «هذا ما يفسّر الدفع بالتعزيزات في التوقيت الحالي».
دفعت الحكومة الانتقالية بتعزيزات عسكرية إلى خطوط التماس في حلب ودير الزور والرقة
ولعلّ «قسد» بدأت تستشعر جنوح دمشق نحو الحلول العسكرية، وهو ما عبّرت عنه بتصريحات صدرت عن «هيئة الدفاع» في «الإدارة الذاتية» التي قالت إن «قسد» تتعرّض لـ«هجمات متكررة من قِبل مسلحي الحكومة المؤقتة وتنظيم داعش في مناطق دير الزور ودير حافر». وجاءت هذه التصريحات على لسان الرئيس المشترك لـ«هيئة الدفاع»، عصمت شيخ حسن، الذي أشار إلى أن الهيئة «تدعو دائماً إلى وقف هذه الحرب والهجمات»، مشدّداً، في الوقت نفسه، على «الحق في الدفاع المشروع عن النفس».
في السياق نفسه، أكّد عضو القيادة العامة في «قوات الدفاع الشعبي» التابعة لـ«حزب العمال الكردستاني»، مراد قره يلان، أن «سلاح قسد ضمانة لأمان المكوّنات ومنع تكرار مجازر الساحل والسويداء»، لافتاً إلى أنه «في سوريا لا دستور ولا قوانين يمكن الوثوق بها». وأبدى يلان استغرابه من إصرار تركيا على تسليم «قسد» سلاحها وتوجيهها تهديدات بين الحين والآخر إليها، معتبراً أن الأخيرة «بعد مجازر الساحل والسويداء، من حقّها الدفاع عن نفسها، وستدافع»، ومشيراً إلى أن «القدرات العسكرية والتكتيكية لقسد تطوّرت كثيراً». وأكّد، في الوقت نفسه، «دعم اتفاق 10 آذار وحل الملفات داخل الأراضي السورية».
واتّهم الرئيس المشترك لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، غريب حسو، بدوره، «الحكومة الانتقالية» بمحاولة التصعيد والتهرّب من تنفيذ اتفاق 10 آذار. ولفت إلى أن الحكومة الانتقالية «تتجنّب حضور اجتماع باريس المُقرّر في 14 آب»، مضيفاً أن «تركيا هي من تمنع مشاركتها». وشدّد حسو على «أهمية مؤتمر وحدة الموقف الذي يعكس تلاحم المكوّنات»، داعياً إلى «عقد مؤتمرات مماثلة في جميع أنحاء سوريا». كما أكّد حسو أنه «لن يستفيد أحد من حرب جديدة في المنطقة»، متهماً «الحكومة الانتقالية بارتكاب مجازر تحت ذريعة فلول النظام ومحاولتها حصار أحياء في حلب مثل الأشرفية والشيخ مقصود، والاستفزاز في مناطق أخرى مثل دير الزور ودير حافر بهدف إشعال النزاع مجدّداً».
أما نائب الرئاسة المشتركة في «الإدارة الذاتية للشؤون الخارجية»، بدران جيا كرد، فأكّد أن «المفاوضات مع دمشق لا تزال جارية، لكنها تسير ببطء»، متابعاً أن «الإدارة الذاتية تميل إلى حل القضايا العالقة عبر المفاوضات والتفاهمات، وهي مستعدّة للاستمرار في هذا المسار». واعتبر أن «الاتهامات الموجّهة إلى المؤتمر الأخير في الحسكة، نابعة من قراءة خاطئة للواقع السوري المتنوّع»، لافتاً إلى أن «جميع المواقف الصادرة عن المؤتمر وطنية بامتياز». وأضاف، في السياق نفسه، أن «الموقف السلبي لدمشق تجاه المؤتمر يشير إلى أن السلطات الحالية لا تقبل التعددية والمشاركة لرسم مستقبل البلاد».