برّاك يتفهّم... ماذا عن الترجمة؟ مرلين وهبة الأربعاء, 23-تموز-2025 لا يُفترض أن تكون هذه الزيارة التي قام بها السفير ا
برّاك يتفهّم... ماذا عن الترجمة؟
مرلين وهبة
الأربعاء, 23-تموز-2025
لا يُفترض أن تكون هذه الزيارة التي قام بها السفير الأميركي توماس برّاك إلى لبنان، هي الأخيرة، بل هي محطة أساسية، من جولات التفاوض القائم. وإذا كان برّاك رفع منسوب تصريحاته نهار الاثنين، وتنصّل من الضمانات المطلوبة لبنانياً، بشأن ردع إسرائيل عن القيام بإعتداءات ضدّ اللبنانيِّين، بشكل أوحى أنّ المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، إلّا أنّ المسؤول الأميركي سرعان ما عاد لترتيب تصريحاته، متمسكاً بإستقرار وأمان لبنان، وأبقى باب التفاوض مفتوحاً، على قاعدة «تفهّم موقف لبنان».
بدت هذه المرّة مهمّة برّاك في لبنان، أقرب إلى تحدٍّ شخصي منها إلى مهمة ديبلوماسية. وبات يحتاج إلى إنجاز في بتّ مصير المواجهة اللبنانية - الإسرائيلية، بعدما أصابت أحداث السويداء مهمّته السورية في صميمها، إثر ما نُسب إليه، بأنّه أطلق إشارة تحرّك سلطات الرئيس السوري أحمد الشرع في السويداء، ممّا أدّى إلى اندلاع صراع دموي، يُمهّد لدخول البلاد في الفوضى.
تبدو فرصة لبنان مهمّة بالنسبة إلى برّاك، الذي حاول ممارسة الضغوط على اللبنانيِّين، من خلال تصريحاته الإعلامية، لكنّه وجد موقفاً لبنانياً مسؤولاً موحّداً، في القصر الجمهوري وعين التينة والسرايا الحكومي.
تقول المصادر لـ«الجمهورية»، إنّ برّاك «أطلع من رئيس الجمهورية جوزاف عون على الورقة اللبنانية، التي تتضمّن كل الطروحات، بالتفاصيل الجغرافية (أول خطوة: 30 كلم) والمراحل، والمهل الزمنية المقسّمة بحسب تلك المراحل التنفيذية. وسمع من عون مطالعة مسؤولة، ترهن تنفيذ الخطوات اللبنانية المتدرّجة، بالخطوات الإسرائيلية: خطوة مقابل خطوة، ومرحلة مقابل مرحلة».
لم يجد برّاك أيّ ثغرة في كلام رئيس الجمهورية، أو في الورقة الرسمية، حيث يبرز موقف لبنان بالإلتزام بتطبيق القرار الدولي 1701، والاتفاقية التي جرى توقيعها في 27 تشرين الثاني الماضي. وهنا أظهر الرئيس عون أمام برّاك ترجمته للثوابت التي يتبناها أساساً رئيس الجمهورية، «حيث لا حياد عنها ولا تغيير»، لكنّ السؤال الذي طُرح: هل تلتزم إسرائيل بتنفيذ خطواتها؟ ومَن يضمن عدم تكرارها الاعتداءات على لبنان؟
تضيف المصادر، أنّ «التكتيك الذي يعتمده رئيس الجمهورية، في مقاربة ملف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، يقوم على أساس فهم تركيبة لبنان الثقافية والسياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية الناتجة من عدم الاستقرار في الإقليم: هل يذهب لبنان إلى تكرار ما حصل في السويداء، نتيجة التسرّع في معالجة ملف السلاح؟». ومن هنا، تكمن أهمية أمرَين: أولاً، إلزام اسرائيل بالانسحاب من النقاط اللبنانية المحتلة ووقف الاعتداءات، ثانياً، تأمين البيئة اللبنانية المواكبة لتنفيذ قرار حصرية السلاح، ضمن توافق لبناني مرن، حينها.
وتقول المصادر نفسها أيضاً، إنّ الواقعية اللبنانية في موقف عون، أظهرت ردّة فعل سريعة في كلام برّاك، الذي لم يجد كلاماً في مرحلة التفاوض، وقبل معرفة الجواب الإسرائيلي، إلّا القول: لا نضمن إسرائيل. خصوصاً أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان تقصّد عدم التجاوب نهار الأحد، مع طلب السفارة الأميركية، لاستقبال برّاك نهار الاثنين، وأبقى موعده صباح الثلاثاء، في رسالة تعني عدم الاستعجال اللبناني.
فماذا جرى في عين التينة؟
يلتزم رئيس المجلس النيابي الصمت، ولا يدلي بأي موقف حول مجريات اللقاء مع برّاك، لكنّ المصادر تتحدّث لـ«الجمهورية» عن أنّ برّي قدّم مداخلة سياسية وأمنية طويلة أمام السفير الأميركي، جرى خلالها نقاش تفصيلي على مدى ساعة ونصف الساعة، قارب فيها رئيس المجلس موضوع الإعتداءات الإسرائيلية منذ وقف المواجهة. وسأل برّي، المسؤول الأميركي: «كيف تفسّر سقوط 450 شهيداً لبنانياً جرّاء الإعتداءات الإسرائيلية منذ التزام لبنان بقرار وقف الحرب، مقابل إسرائيلي واحد؟». لا جواب عند برّاك. هنا تطرّق الكلام إلى عدم إطلاق اللبنانيِّين رصاصة واحدة، مقابل الاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة، وقيام الجيش اللبناني بإستلام مراكز ومخازن تابعة لـ«حزب الله» جنوباً، من دون أي مشكلة. واستفاض برّي في إظهار عدوانية إسرائيل، مقابل الإلتزام اللبناني بالإتفاقية الأميركية.
لم يكن أمام برّاك إلّا إعلانه «تفهّم موقف لبنان». لكن ماذا عن الإسرائيليِّين؟
بحسب المعلومات، أراد برّي وبرّاك أن يصلا إلى نتيجة، وأن يحمل السفير الأميركي معه أفكاراً تسووية، فجرى التداول بأفكار قدّمتها الورقة اللبنانية، وإمكانية التسلسل في انسحابات اسرائيل من النقاط الجنوبية المحتلة، بدءاً باثنتَين منها، مع الالتزام بوقف العدوان كلّياً على اللبنانيِّين، على أن ينصرف لبنان لترجمة ملف حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، ضمن تفاهم داخلي، خلال 6 أشهر مثلاً في مهلة زمنية مبدئية، لا تقلّ عن ذلك. وأظهر برّي أهمية الورقة التي قدّمها الرئيس عون للسفير الأميركي، باعتبارها تعبّر عن موقف لبنان.
وأضافت المعلومات أنّ النقاش طال الملف السوري أيضاً، وأظهر برّاك أهمية دعم الرئيس السوري أحمد الشرع، «لأنّ البديل هو تمدّد التطرّف والإرهاب، الذي سيؤثر على لبنان أمنياً، بصورة ترمي المنطقة في أحضان الفوضى». وهنا ركّز برّي على أهمية الحل السياسي السوري، وضرورة احتضان جميع المكوّنات، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
على هذا الأساس، غادر برّاك الاجتماع، بعدما تفهّم بإيجابية موقف لبنان. فهل تتعاون إسرائيل مع برّاك، للوصول إلى حل؟
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها