
عزّز العداون الإسرائيلي المدعوم أميركياً على إيران، توجّه الولايات المتحدة نحو تخفيض عديد قواتها وقواعدها في سوريا، لتجنّب تحويلها إلى هدف للصواريخ والمسيّرات الإيرانية، في حال دخلت واشنطن المعركة ضد طهران. وظهر ذلك عبر إعلان الإدارة الأميركية البدء بتخفيض العديد العسكري تمهيداً لإجلاء القوات كافة، بما يخفّف من أعباء هذا الوجود، الذي لم يعد من وجهة نظرها مهماً أصلاً، ليس لأن تنظيم «داعش» بات ضعيفاً، بل لأن نظام بشار الأسد سقط، ولم يعد هناك وجود للإيرانيين والقوات الحليفة المتعاونة معهم، والتي استهدفت القواعد الأميركية عشرات المرات، منذ هجوم 7 أكتوبر في غزة، وصولاً إلى سقوط النظام.
وبالفعل، خفّفت واشنطن عديد قواتها بمعدّل الربع عبر إجلاء 500 جندي، مع إخلاء قاعدتين رئيسيتين هما «العمر» و«كونيكو»، وهما من أكثر القواعد التي كانت تستهدف من جانب المقاومة في السّنتين الأخيرتين، ما يكشف أنّ الإخلاء مرتبط إلى حدٍّ كبير بانتفاء وجود المقاومة في المنطقة. واستكملت الولايات المتحدة، الأسبوع الفائت، خطة الانسحاب، عبر إخلاء قاعدتَي «الوزير» و«تل بيدر» في ريفَي الحسكة الغربي والشمالي الغربي، مع توقّعات باستمرار عمليات الإجلاء من القواعد والنقاط في كل من الحسكة والرقّة وريفَي حلب الشمالي والشرقي.
التحركات الأخيرة
تؤكّد أنّ الوجود الأميركي كان موجّهاً ضد إيران والفصائل المتحالفة معها
وأكّدت كل هذه التحركات أنّ الوجود الأميركي في سوريا كان موجّهاً ضد إيران والفصائل السورية المحلّية المتحالفة معها، وليس ضد تنظيم «داعش» الذي صعّد أخيراً من نشاطه في سوريا. وأوضحت ذلك صراحة تصريحات أخيرة للقائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، أشار فيها إلى تصاعد ملحوظ في نشاط التنظيم، ليس في مناطق شمال شرق سوريا الخاصعة لـ«قسد» فقط، وإنّما حتى في دمشق وحلب والمنطقة الوسطى أيضاً.
مع ذلك، ورغم إجلاء أكثر من ثلث القوات الأميركية التي كانت موجودة في سوريا قبل سقوط النظام، فإنّ ما تبقّى منها اتّخذ تدابير أمنيّة، تكشف عنها مواصلة تنفيذ التدريبات على التصدي لهجوم افتراضي بالطائرات المسيّرة والصواريخ، ما يظهر خشية أميركية من استهداف إيراني لهذه القواعد في أي لحظة. كما أنّ إدخال مزيد من المعدات الأميركية إلى سوريا، يؤشّر أيضاً إلى اتخاذ إجراءات دفاعية استباقية وإضافية ضد أي محاولات استهداف إيرانية لاحقة، في حال انخرطت واشنطن في الهجوم على طهران.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أنّ «القوات الأميركية الموجودة في قواعدها ونقاطها رفعت الجاهزية الدفاعية القصوى منذ بدء العداون الإسرائيلي على إيران». وأضافت إنّ «أي دخول أميركي في الحرب على إيران، سيلقى حتماً ردّاً إيرانياً حاسماً في القواعد الأميركية في كل من سوريا والعراق ودول الجوار»، لافتة إلى أنّ «هذا الأمر يبدو بديهياً لأنّ هذه القواعد هي الأقرب جغرافياً، والأهداف الأسهل أيضاً».
وأشارت المصادر إلى أنّ «مناطيد المراقبة والكاميرات الحرارية المخصّصة لعمليات الرصد ومراقبة الأجسام الغريبة تعمل على مدار الوقت، خشية أي استهداف مفاجئ»، متوقّعة أن «تفشل كل مراصد المراقبة والدفاع الأميركية في وقف أي هجوم إيراني ومنعه من تحقيق إصابات كبيرة في هذه القواعد، التي بالأساس معظمها يتمركز في بقع جغرافيا محدودة».