نفّذت القوة الجو - فضائية التابعة لـ«الحرس الثوري الإيراني»، فجر اليوم، هجوماً صاروخياً واسع النطاق استهدف مواقع حساسة في عمق الكيان، أصاب منشآت استخباراتية وعسكرية، أبرزها مقر «شعبة الاستخبارات العسكرية - أمان» ومركز عمليات تابع لـ«الموساد» في منطقة جليلوت شمالي تل أبيب. ورغم فرض الرقابة العسكرية الإسرائيلية تعتيماً مشدداً على تفاصيل الضربة، فإن وسائل الإعلام العبرية اضطرت للاعتراف بحجم الخسائر، مشيرة إلى سقوط قتلى وجرحى، وتدمير منشآت علمية وأمنية.
وبحسب بيان صادر عن «الحرس الثوري»، فقد تم تنفيذ العملية، عبر إطلاق أكثر من 50 صاروخاً وعشرات الطائرات المسيّرة، واخترقت أهدافها رغم وجود «أنظمة دفاع جوي متطورة للغاية». وأكد البيان أن الضربة استهدفت مركزين يُعدّان من الأعصاب الحيوية للأمن الإسرائيلي: «مركز الاستخبارات العسكرية - أمان، ومركز تخطيط عمليات الاغتيال التابع للموساد» في تل أبيب، إضافة إلى قاعدة نيفاتيم الجوية جنوب فلسطين المحتلة، والتي انطلق منها الهجوم الإسرائيلي على مبنى «هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية» قبل يومين.
ورغم أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية فرضت حظراً مشدداً على النشر بشأن المواقع المستهدفة، فإن وسائل إعلام إسرائيلية أقرت بوقوع إصابات مباشرة في جليلوت، وتحدثت عن «لحظة استهداف مقر شعبة الاستخبارات العسكرية أمان»، فيما اعترفت مصادر دفاعية إسرائيلية بمقتل 12 شخصاً وإصابة 250 بجروح متفاوتة، ليرتفع عدد القتلى منذ بدء الهجمات الإيرانية إلى 22 قتيلاً و870 جريحاً.
وفي مدينة «رحوفوت»، ذكرت صحيفة «ذا ماركر» العبرية أن الصواريخ الإيرانية أصابت بشكل مباشر مباني معهد «وايزمان» للعلوم، ما أدى إلى انهيار أحد المجمعات البحثية واندلاع النيران فيه، وتدمير مختبرات أبحاث في مجالي الأحياء والكيمياء الحيوية، وفقدان «سلالات جينية نادرة طُوّرت على مدى عقود». ووصفت إدارة المعهد الأضرار بأنها «خسارة لا تُعوّض للعلوم الإسرائيلية».
كذلك، أكّد رئيس بلدية «هرتسليا» أن المدينة تعرضت لقصف عنيف أدى إلى أضرار واسعة، أبرزها اشتعال حافلة بعد إصابتها مباشرة. وقدّرت المصادر العسكرية سقوط ما بين 20 و25 صاروخاً على المدينة خلال ساعات الصباح، في ما وصفته «القناة 13» بأنه «أكبر من الرشقات التي شهدتها البلاد في الليلة الماضية».
مصادر إيرانية مطّلعة كشفت لوكالة الأنباء الرسمية، أن الهجوم الصاروخي الدقيق أسفر عن مقتل عدد كبير من الضباط في «أمان» و«الموساد»، بينهم شخصيات رفيعة المستوى، ما يشكّل «نكسة أمنية واستخبارية عميقة للكيان»، لا سيما في ظل مواصلة «إسرائيل» فرض تعتيم كامل على حجم الخسائر الحقيقية، في محاولة للحد من تداعيات الضربة على المعنويات الداخلية.
وفي سياق متصل، تحدثت وسائل إعلام فلسطينية عن دوي انفجارات في مناطق بالضفة الغربية لم تُحدَّد طبيعتها، وسط حالة من الغموض حول طبيعة الأهداف، فيما تستمر حالة الإنذار القصوى في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة.
الهجوم الإيراني، الذي يُعدّ الأضخم من نوعه منذ بداية التصعيد، يحمل دلالات استراتيجية واضحة، أبرزها أن طهران باتت ترد بشكل مباشر على اعتداءات تل أبيب، معتمدة قواعد اشتباك تقوم على مبدأ «الضرب في العمق». ويبدو أن تل أبيب باتت عاجزة عن احتواء هذه المعادلة الجديدة، فيما تخفي خسائرها خلف ستار الرقابة والإنكار.
تداعيات مفتوحة… و«إسرائيل» في مأزق الردع
الهجوم الإيراني النوعي على مراكز القيادة الأمنية والعلمية في العمق الإسرائيلي، يرسّخ تحوّلاً استراتيجياً في قواعد الاشتباك الإقليمية. للمرة الأولى، تتلقّى «إسرائيل» ضربة بهذا الحجم تطاول أهمّ مؤسساتها الاستخبارية والعسكرية والعلمية دفعة واحدة، ما يطرح تساؤلات حول فاعلية منظوماتها الدفاعية، ومدى قدرتها على التصديللصواريخ الإيرانية التي تُطلق على مدار الساعة، تقول «القناة 14» العبرية، عن مستوطن في تل أبيب، إن «الصواريخ الإيرانية تصل إلى إسرائيل وتسقط على رؤوسنا بينما صواريخ القبة الحديديةلا تزال تتجهز للإنطلاق، كذبة كبيرة عشناها في العقود الماضية أن مواطني إسرائيل يعيشون بأمان».
التعتيم الإسرائيلي على نتائج الضربة يعكس حجم الخسائر البشرية والمادية، وإصابة منشآت حساسة يفترض أنها شديدة التحصين، وهذا ما يقوّض صورة «إسرائيل» كدولة لا تُقهر، ويضع قادتها أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما الانجرار إلى ردّ واسع غير مضمون العواقب، أو التراجع والقبول بمعادلة جديدة فرضتها إيران بالقوة.

