العهد: فيصل الأشمر
لَعلّي لا أكون مبالغًا إن قلت إنّ ما يجمع بين حــ.ـزب الله وبيئته لم يجمع من قبل بين حــ.ـزب وبين بيئته على مر تاريخ الأحزاب في العالم. ربما لأن حــ.ـزب الله ليس حــ.ـزبًا بالمعنى الأكاديمي أو الاصطلاحي للحــ.ـزب، فيكون أقرب إلى تعريفه بـ"الأمة" كما وصفه الشـ.ـهـ.ـيد الحاج محمد عفيف، أمة سياسية عسـ.ـكر ية اجتماعية ثقافية إنسانية، أمة الإنسان كما يجب أن يكون وكما من حقه أن يكون، إنسانًا حرًّا شريفًا ثائرًا على الظلم والـ.ـعـ.ـدوان ولو كان خياره الأخير في الحياة الخيار الكربلائي العاشورائي إن لزم الأمر.
ما يربط بين حــ.ـزب الله وبيئته أكبر من كونه رابطًا سياسيًّا، هو في الأصل رابط عقائدي، وكلمة عقائدي هنا أوسع من عقيدة دينية، أو حتى ونية، هي عقيدة التزام بحــ.ـزب الله بكل تجلياته ومظاهره، وعلى رأسها وأولها عقيدة التحرر الإنساني، كما يجب أن كون عليه الإنسان في حياته.
وفي قولنا إن بيئة حــ.ـزب الله بيئة إنسانية توسعةٌ لهذه البيئة لتنطلق إلى خارج لبنان، لكن موضوع مقالنا الحالي هو البيئة الحاضنة الأقرب، بيئة الحــ.ـزب اللبنانية، التي هي خزان هذا الحــ.ـزب، ومنبع رجاله الذين منهم القادة والمـجاهــ.ـدون والشهـ.ـداء والجرحى والأسرى.
اختبر حــ.ـزب الله بيئته في مواقف كثيرة خلال الأعوام الأربعين الماضية، وفي كل اختبار كانت هذه البيئة على قدر ما توقعته القيا دة وأكثر، وعلى نتيجة هذا الاختبار بنى الحــ.ـزب كثيرًا من مواقفه السياسية بل وحتى العسـ.ـكر ية الجـ.ـهــادية، وأي بيئة حــ.ـزب في العالم كانت مثل بيئة حــ.ـزب الله؟
واختبرت بيئةُ حــ.ـزب الله حــ.ـزبَها، فكان في كل مرة كما توقعتْ أن يكون وأكثر، عسـ.ـكر يًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، وأي حــ.ـزب في العالم كان مثل حــ.ـزب الله لبيئته؟
ولسنا اليوم في وارد ضرب الأمثلة وتقديم نماذج عن الاختبارات المتبادلة بين حــ.ـزب الله وبيئته، إذ يكفينا نموذجًا الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت يوم أمس في بيروت والبقاع، فبعد كل حملات الكذب والتهويل والدجل السياسي والإعلامي ومحاولات شق العلاقة بين حــ.ـزب الله وبيئته، وصولًا إلى إنفاق الأموال -الإنفاق المستمر منذ سنوات طويلة- لتشويه صورة حــ.ـزب الله أمام جمهوره وأهله وبيئته، بعد كل هذا شاهدنا يوم أمس بحر اللون الأصفر يتمدد في صناديق الاقتراع حبًّا ودعمًا وتأييدًا لحــ.ـزب الله ومرشحيه ولوائح مرشحيه وأصدقائه، دون تشطيب، والذي لم يستطع "أن يبصم بالعشرة" كما يقول النشيد، بصم بما تبقى من أصابع كفّيه المبتورة، بصمةً لا تزول، والذي لم يستطع أن يقرأ أسماء مرشحي لائحة المقــاومة بعد أن فقد عينيه في عملية البايجر الإرهـ.ـابية، بصم على هذه الأسماء ببصيرته التي لم تخدعه يومًا.
والانتخابات البلدية والاختيارية اختبار أول بعد حرب 2024، وبعد اختبار الصمود العظيم لبيئة المقــاومة خلال وبعد تلك الحـ.ـرب، الصمود المليء صبرًا وبصيرةً، وهو -أي اختبار الانتخابات اختبار صغير أمام اختبار العام القادم، اختبار الانتخابات النيابية، ويومها لبيئة حــ.ـزب الله كلام جديد آخر.