أسعد أبو خليل
الثلاثاء 13 أيار 2025
هل أنّ الخلاف بين ترامب ونتنياهو ليس بالأهميّة، كما يردّد كُثر في عالمنا؟ ليس بالضرورة. لكنْ هناك متغيّرات. نتنياهو صنع سياسات أميركا نحو الشرق الأوسط منذ أواخر الثمانينيّات.
هو الذي جعل من منهج «مكافحة الإرهاب» عنواناً لسياسات أميركا ضدّ الشعب العربي وحركات مقاومته (وباتت الجيوش العربيّة - بما فيها الجيش اللّبناني- تعتنق العقيدة الإسرائيليّة المنبع نفسها). نتنياهو نجح في تحويل كلّ أعداء إسرائيل إلى أعداء لأميركا عبر فرْض العداوات الإسرائيليّة على الحكومة الأميركيّة.
وهو نجح في جعْل اللّوبي الإسرائيلي (التابع له) مقصَداً لكلّ حكومة عربيّة تريد أن تتودّد إلى الكونغرس والبيت الأبيض (حتى ياسر عرفات، تخلّى عن سياسة التقرّب من الشعب الأميركي وركّز على التودّد إلى الصهاينة). لكنّ نتنياهو ارتكب أخطاءً مميتة ستُلحق الضرر بسياسات إسرائيل هنا على مدى سنوات طويلة.
في عام ٢٠١٢، ناصرَ ميت رومني ضدّ باراك أوباما. قبل ذلك التاريخ، كانت إسرائيل ثنائيّة في السياسة (قريبة من الحزبَين بالدرجة نفسها). وفي٢٠١٥، خطب نتنياهو في عقر الكونغرس ليعارض الاتّفاق النووي.
شعر أنصار أوباما بالمهانة من دولة أجنبيّة وقحة. وشعر الديموقراطيّون أنّ إسرائيل باتت لصيقة باليمين الأميركي. هذا يفسّر لماذا اليوم يناصر الديموقراطيّون الفلسطينيّين ضدّ إسرائيل بنسبة ٥٩٪ مقابل ٢١٪. هذه أرقام تاريخيّة في السياسة الأميركيّة. لكنّ الحزب الديموقراطي جبان في السياسة الخارجية لأنّه متّهم دائماً باللّين، عزّز ترومان شعبيّته عبر رمي القنبلة النوويّة.
الحزب الجمهوري أكثر قدرة على تغيير وجهة السياسة التقليديّة لأنّه ليسَ في موقع دفاعي. أيزنهاور أجبر إسرائيل على الانسحاب في ١٩٥٦، ونيكسون قصد الصين. ترامب لم يُعلِم إسرائيل بالاتّفاق مع اليمن، ولا هو يعرض كلّ مبادراته على إسرائيل للموافقة المسبقة كما كان يفعل كلّ الرؤساء.
ترامب (أقوى رئيس أميركي سياسياً منذ فرانكلين روزفلت) يستطيع أن يضمن دعْم حزبه لو انقلب ضدّ إسرائيل - هذا لو انقلبَ -. لم ينسَ إهانة نتنياهو له عندما كان من أوائل الزعماء الأجانب الذين هنأوا بايدن على فوزه في ٢٠٢٠. ترامب لا يغفر إساءة، ولو من «البقرة المقدّسة».