أنصار مقتدى الصدر يرفعون صوره مع والده السيد محمد صادق الصدر خلال إحياء ذكرى اغتيال الأخير في النجف (أ ف ب)
فقار فاضل
الثلاثاء 6 أيار 2025
بغداد | مع ازدياد حدة التنافس داخل «الإطار التنسيقي»، يبدو أن الانتخابات التشريعية المقبلة لن تكون مجرّد صراع بين القوى السياسية التقليدية، بل ساحة لفرز داخلي حادّ داخل القوى الشيعية نفسها. ووفقاً لما يتداوله سياسيون، فإن نتائج الانتخابات قد تفرض واقعاً سياسياً جديداً يُجبر «الإطار» على إعادة ترتيب أوراقه، أو يفتح الباب أمام تحالفات عابرة للانقسامات القديمة. وتنوي مكونات «التنسيقي» دخول السباق الانتخابي بأربع قوائم منفصلة، الأمر الذي أرجعه بعض المراقبين إلى تعمّق التباين السياسي داخل هذا التحالف الذي شكّل الحكومة الحالية، فيما عدّه آخرون تكتيكاً إستراتيجياً لحشد الأصوات ثم الالتحام تحت قبة البرلمان المقبل.
وفي قلب ذلك التنافس، تبرز ملامح صراع غير معلَن بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المدعوم من بعض قوى «الإطار»، وبين زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، الذي يسعى إلى استعادة نفوذه في البرلمان المقبل.وبعدما كانت التوقعات تميل إلى دخول «التنسيقي» بقائمة موحدة للحفاظ على تماسكه، جاءت التطورات الأخيرة لتكشف العكس تماماً.
إذ أعلن كل من السوداني والمالكي وهادي العامري وعمار الحكيم وحيدر العبادي خوض الانتخابات بقوائم مستقلة، هي: «ائتلاف دولة القانون» بقيادة المالكي، و«ائتلاف الدولة» برئاسة السوداني، و«تحالف الفتح» بقيادة العامري، و«تحالف النصر والحكمة» بزعامة العبادي والحكيم. وفي الأسابيع الماضية، عُقدت اجتماعات عدة بين قيادات «التنسيقي» في بغداد والنجف، من أجل تنسيق المواقف بشأن الانتخابات. وبحسب مصدر حضر بعض هذه اللقاءات، طُرحت أفكار لتقاسم الدوائر الانتخابية وتجنّب التنافس المباشر، إلا أن المالكي رفض فكرة الدخول في أيّ قائمة موحدة أو اتفاق يُقيّد حركته السياسية.
ويستدرك المصدر المقرّب من «الإطار» بأن هذا التوزع لا يعكس بالضرورة تفككاً، بل يجسد محاولة لتوسيع قاعدة «التنسيقي» انتخابياً، رغم أن الواقع السياسي يفرض حصول تنافس فعلي بين تلك القوائم، خاصة في محافظات الوسط والجنوب، والتي لكل شخصية جمهورها فيها. ويتابع المصدر أنه رغم محاولة العامري لعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين السوداني والمالكي، فإن الأخير تمسّك بموقفه القائم على استقلاليته في الانتخابات، في حين يحاول السوداني بهدوء التحشيد حول قائمته، مفتخراً بـ«النجاحات الخدمية» لحكومته.
على أن التنافس بين المالكي والسوداني لا يبدو محصوراً في حدود الانتخابات فقط، بل يتجاوزها نحو رسم ملامح المرحلة المقبلة داخل «الإطار». إذ إن السوداني، بدعم من بعض قيادات «التنسيقي»، يُنظر إليه كوجه قابل للاستمرار في رئاسة الحكومة لولاية ثانية، في حال فازت كتلته بعدد مقاعد مؤثر، في حين يسعى المالكي إلى تأكيد زعامته التقليدية وتوسيع نفوذه في البرلمان لضمان موقع تفاوضي قوي.
وفي ظل هذه الخريطة، تبدو الانتخابات القادمة ساحة لاختبار التماسك داخل «الإطار»، وهي قد تكون نقطة تحول في طبيعة التحالفات الشيعية: فإما أن ينجح «التنسيقي» في إعادة ترتيب بيته بعد الانتخابات، أو أن تعمّق هذه التباينات حالة الانقسام السياسي في العراق، بحسب ما يراه السياسي المقرب من «التنسيقي» حيدر رشيد. ويعتبر رشيد، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «في المرحلة الحالية، يريد كل طرف إثبات وزنه قبل أي تفاهم لاحق على تشكيل الحكومة المقبلة»، مبيناً أن «السوداني يريد أن يبني قاعدة انتخابية جديدة، لا تستند إلى الولاءات الحزبية التقليدية، بل إلى منجزات الحكومة، وهذا يضعه في موقع تنافسي مباشر مع قوى داخل الإطار نفسه».
ويضيف أن «المالكي لا يخفي طموحه إلى العودة كلاعب محوري في الحكومة المقبلة»، عازياً التنافس الحالي إلى أنه «يُنظر إلى السوداني على أنه يحاول تأمين ولاية ثانية عبر تعزيز موقعه الشعبي، وتحالفاته الفنية مع قوى قريبة من الوسط السياسي».
ومن جهته، يؤكد عضو «ائتلاف دولة القانون»، محمد العلي، أن «المالكي يملك قاعدة جماهيرية قوية في محافظات العراق، خاصة في بغداد وكربلاء، ولا يحتاج إلى أن يدخل في صراع مع أحد»، مضيفاً أن «هذه القاعدة لديها إيمان راسخ بما قدّمه في الولايتين السابقتين». ويرى أن «التنافس ما بين مكونات التنسيقي أو بين الكتل السياسية الصغيرة والكبيرة حالة صحية، بل تعكس الوجه الديموقراطي للانتخابات وتضمن حق المشاركة للجميع؛ ولهذا، فلا داعي لأي صراع أو محاولة لخلط الأوراق عبر طرق إعلامية رخيصة».