علي شعيب
بات واضحًا أن بيئة المقاومة مستهدفة بعواصف من الضغوط السياسية والعدوان الفعلي والحرب النفسية من أجل دفعها للقبول بالاستسلام حتّى لو من دون إعلانٍ عبر صمتها أمام ما يحاول العدوّ الأميركي و"الإسرائيلي" فرضه من تطبيع تحت مسميات شتّى مقابل شيء من الاستقرار الأمني وتقطير بعض المُهدّئات في ملف العودة وإعادة الإعمار.
لذلك يواصل العدوّ الصهيوني حربه المعلنة على المقاومة وبيئتها بالغارات الجوية والاغتيالات والقصف المدفعي والرصاص وقنابل المحلقات، كلّ ذلك تحت مظلة قرار وقف إطلاق النار الذي لم يطبق إلا من الجانب اللبناني.
بالتوازي يواصل العدوّ الأميركي الراعي الرسمي لاستمرار الحرب على لبنان عبر موفديه ممارسة ضغوط سياسية وتهديدية كبيرة على الدولة بأكملها مصحوبة بحرب نفسية متقنة وعنيفة تُسخّر لها كلّ الإمكانات وتشنّها وسائل إعلامية عالمية ومحلية.
يجري كلّ ذلك على المتلقّي من بيئة المقاومة، في ظل عجز الدولة التي من المفترض أن تكون الحامية لمواطنيها، ولا يمتلك المعنيون فيها قدرةً سوى إصدار بيانات شجب وإجراء اتّصالات لا تغني ولا تسمن من جوع!
أمام هذا الواقع، ماذا نفعل؟ هل نخضع ونستسلم؟
هل سبق أن قابلنا كلّ الحروب القاسية والمجازر والاحتلالات على مدى تاريخ الصراع مع هذا العدو، (مذ كانت المقاومة عبارةً عن مجموعات صغيرة متفرقة ولا تملك إلا عبوة ناسفة بدائية أو بندقية أو قاذف "آر بي جي" ولاحقًا سيارة مفخخة وصولًا حتّى العدوان الأخير).
هل قابلنا ذلك بغير الصبر والصمود والعزيمة والإصرار على انتزاع حقوقنا مهما بلغت التضحيات؟ ألم نزدد إيمانًا، وقلنا "حسبنا الله ونعم الوكيل" عندما قالوا "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم"؟
اليوم المشهد يتكرّر، تهديدٌ بالحرب؟ الحرب لم تتوقف أصلًا!
التهديد بمنع الإعمار؟ لم نكن يومًا نبيع كرامةً أو عزّةً مقابل حجر، اليوم نحن أكثر صبرًا بعدما عَظُمت الابتلاءات والتضحيات، ومقاومتنا المتعافية لا زالت على قدر الرهان، والفرج القادم سيكون على أيدي قبضات مجاهديها حين تقتضي الظروف والمصلحة.
المطلوب اليوم أمام هذا الواقع أن نكون يقظين مما يُخطط له، حتّى لا نسقط بواقع المفاجأة، والاستعداد لكل الاحتمالات مهما كانت (على مستوى التهديدات والضغوط) من دون إعاقة حركتنا واستمرار حياتنا الطبيعية وأن لا نقف مكتوفي الأيدي بانتظار القادم مهما كان.
اليأس ليس من شيمنا، والخوف ليس من شخصيتنا الصلبة التي قهرت كلّ الظروف، نحن أبناء بدرٍ وخيبر،
أبناء عاشورا الحسين (ع).
نحن أبناء القرآن الذي قال:
﷽لله الرحمن الرحيم
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ
( صدق الله العلي العظيم )