logo on medium devices
موقع صدى الولاية الاخباري
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025
23:53:25 GMT

رأي اليوم -الباحث السياسي بلال اللقيس لبنان في التشييع وبعده

رأي اليوم -الباحث السياسي بلال اللقيس لبنان في التشييع وبعده
2025-02-19 08:16:22

يشّق علينا أن نستحضر أنّا غدا سنحمل نعش من حمَلنا ونهض بنا وأعطانا وأعطىى الأمة والأحرار كله لا بعضه ، لكن يهوّن الخطب علينا أنّ دمه سفك على يد أعدى عدّو للإنسانية والأخلاق من أنظمة الغرب وامتدادها الصهيوني “إسرائيل” فعاش شاهداً ومضى شهيداً أسوة بالأنبياء والأولياء .

في السيّد الشهيد :

 إن تشييع شهيد الأمة سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله وظله الهاشمي السيد هاشم صفي الدين أقّل ما يقال فيه أنّه حدث تاريخي ومفصل يمكن أن نؤرخ به.

فالسيد الشهيد نصر الأمة في حياته فأخرجها من عقدة النقص والضعف والتقييد والحتميات والشعور بالمهانة الى الثقة والارادة واكتشاف الذات وصناعة الامل ، نصرها ساعة استشهاده عندما هوّنت نفسه الزكية الدنيا في عيون الأحرار وفي أنفسهم فكان ما نزل برداً وسلاماً في سبيل الحق والانسان، ويوم تشييع جثمانه الشريف سيكون مفصلاً ولعقود مقبلة في الاستنهاض وضخ الروح والعزيمة والوعي وإراءة الطريق .

كان بحق اجمل وأفخر ما قدمه لبنان في تاريخه للإنسانية وقضاياها من تحرر وعدالة وحرية ، فجعل من هذا البلد الصغير مدرسة الهام ومصنعا إنسانياً وأخلاقياً يضّج حياة ومعنى فكان معه أول انتصار عربي في كتاب أمتنا وفي ركب المسار الحضاري فكشف لقوة الحق وقدرته على تحقيق الغلبة وليس فقط إشهار المظلومية .

بذل حياته من أجل القداسة والمقدس فحاز معه النهج على شرعية ومعنى وطريقة حياة .  كأنه اختار موته على الطريق المقدس والأقدس والقدس وفلسطين ، فانتقل بالمجتمع من تائق للحرية الى مطالب بها الى ساع فيها الى قائد ورائد لها الى شاهد وشهيد عليها ولأجلها  .

كره الإقصاء والتهميش منذ تفتّحت عيناه على صوت إمام المقاومة السيّد موسى الصدر الصداح وتنشّق روح مواجهة التسلط فرفض التمايز بغير وجه حق وانصهر بمقولة لا تظلمون ولا تُظلمون . جافى الإصطراع الداخلي على غير جريرة الأحزاب اللبنانية والعربية فاطمأنت صفاته واستقامت قناته في مواجهة العدو الصهيوني ورفع الهيمنة والإذلال عن شعوبنا وأمتنا  .   قدم لنموذج غير مسبوق في القيادة  السياسية فكان القائد الإيماني الذي أتته الدنيا صاغرة فنبذها وراء ظهره . بنى المكانة وتربّع على القلوب لا بسبب سلطة أو مال أو جاه أو توريث سياسي أو استزلام جماعة إنما بقيادة القلوب والعقول ، بالحب لا بالمال وبالشرف لا بالترف تربّع على مجد لبنان والعرب . السلطة الحقيقية في مدرسته هي تلكم المشروعة ، والأخيرة لا تُنال بالاكراه والزجر بل بالحب والإستجابة الصادقة للحاجات الإنسانية الدفينة وفي مقدمها الحاجة للعدل والتحّرر وتقديم لصالح العام على كل حسبة أخرى حتى الذات . تميّزت مدرسته التي انتمى اليها ومثّلها بالصدق والزهد على غير ما اعتاد عليه اللبنانيون والعرب، لم يغب عنه ان من صارع الحق صرعه وان الغالب بالشر مغلوب ومن أبدى صفحته للحق هلك . وفي مفارقة قل نظيرها لقد عاش شهيدنا قوياً ومظلوما في ان.

شكّل خطابه رصيدا  للنفوس الأبية في  زمن الغضب والانتقام ، زمن اقتحام الكرامة التحّدي بعدما حاصرتها المادية والهيمنة وسعت في قتلها وإذ بها تستفيق حاملة حنقها الثوري ومشروعها البعيد والمبادرة بقوّة المنطق واحتضان الناس واختيارهم لتبدأ أكبر عملية صّد تاريخية لتمّدد الغرب الامبراطوري وهيمنتة ، التي كان منها أن شيّأت الانسان وعدّلت نظرته وحوّرت احتياجاته فصار ملك المادة بدل أن تكون هي ملكا له  . معه ملكنا أنفسنا وأعلينا من قيمتها واكتشفنا إمكانية ربح المعركة بصراع الإرادة والوعي والعلم في توالي الأجيال كلّما تبلور نداء الكرامة وصارت هي عنوان القسمة  .

السيّد لم يكن شخصاً بل كان رمزاً منغرساً في دفائن عقولنا وثنايا قلوبنا ، هو غاب لكنّا نستّمر لأنّه غادرنا بعد أن استكمل إَعدادنا وشروط نهضتنا  .

في تفسير الصراع وسياقه وتموقعه :

إن اللحظة العالمية التي نعيشها هي لحظة انتقال وتحّول في موضوعة الإنقسام العالمي الذي ساد لعقود . إنّ عناوين الإنقسام القديمة للعالم تغيرت وبعضها اندثر ، ليس أصل الصراع وحقيقته في عالم اليوم طبقياً ولا إجتماعياً ولا دينياً ولا مناطقياً ولا شمال وجنوب ولا … يرتبط الصراع اليوم بالكرامة أولاً أي بجوهر الإنسان وحقيقته  يشّق طريقه في كل دولة ومجتمع . شهادة هذا العظيم أتت لتؤكّد هذا الفهم لطبيعة الصراع الذي دأب سماحته لتبيينه في حياته ونظّن أنّ هذا الفهم سيتّعمم في شهادته . إنّ السيد الشهيد لم يقتل في مواجهة “إسرائيل” وسوءاتها بل في مواجهة أنظمة الغرب وتصفيق حضارته ومؤسساته الديمقراطية-الليبرالية للقتل وتصفية كل سراج ينير درب شعبه ويضيء سماءه  . شهادته كانت إيذاناً وتأكيًدا أن الصراع صار شاملا وتخمرّ ما يكفي وانجلت حقيقته ومكمنه واحتياجاته . هذا ما يستوجب استفاقة شاملة وتكاتف الأمة والأحرار وتكاملهم لمواجهة أخطر مراحل الهيمنة الغربية وموجاتها في التاريخ الانساني. فما يحدث في فلسطين والاستهزاء الذي تبديه الإدارات الأمريكية والاستهانة والصلف غير المسبوق منذ 7 تشرين فضح أميركا والغرب وكل من يدعي التحالف معها وأظهر الجانب الفعلي لهذه الحضارة القتّالة وأنّ السلامة تكمن باجتنابها والإبتعاد ما أمكن عنها ، فليس فيها أكثر من تقانة لا ضير من الإفادة منها ودون ذلك حداثة تحتضر  . المعركة اليوم أكثر من أي وقت مضى وعلى ضوء تجربة طوفان الأقصى وامتداده أفي ولي البأس هي معركة عالمية وليست إقليمية ، إنها معركة غرب – أمريكي أعطى إشارة انطلاق اجتثاث المقاومات لتأمين هيمنته وتخفيف تراجعها  بدءاً من لبنان وفلسطين. في هكذا حرب عالمية من المفيد أن نعيد تأكيد الثوابت والاصطفافات، أن نعيد ذلك بكلام فصيح أمام الداخل والخارج والعالم بأسره وعلى مسمع الكل : اولا ان عدو الإنسانية هي الادارة الاميركية  وهي عدّونا ، إنّها عدو العدالة والحرية والمشاركة والتنوع ، إنّها نظام هيمنة فّرغ الحقيقة الإنسانية من محتواها وجعلها منقادة للمادة والربح ، أما إسرائيل فهي امتداد حضارة الغرب وهما روح واحدة بطبيعتين وتمّثلين ، هي عقدة عقد هيمنة النظام الدولي الغربي ، صراعنا معها هو جزء من صراع عالمي بل هو لبّ الصراع العالمي والقيمي والأخلاقي . هي بذاتها  كيان طحلبي ضعيف لا يقوى على الاستمرار إلاّ بالغرب وبقابلية الرضوخ الموجودة عند بعضنا وإلاّ فإنّها لا تستمر لأيام قليلة بمواجهة مقاومتنا وإرادة شعوبنا  . نحن اليوم وكثير من شعوب العالم في خندق واحد في مواجهة التسلط والهيمنة من بوابة هذا الصراع ومن مدخليته . الأمل كبير أن روحاً تحّرك هذا العالم وتستثير كرامته تنبت من بوابة فلسطين وحقّها ، هذا ما شاهدناه من شعوب لم تفقد ضميرها ولا حسها الإنساني في دول الغرب فناصرت ووقفت وآزرت بالكلمة – الكلمة أحياناً أهّم أسلوب مواجهة – وهذا إذ يؤكد على أمر فإنّه يؤكد أن الضمير العالمي لا زال موجوداً وحياً رغم محاولات إعدامه والرهان عليه رهان صحيح وعقلائي .

ان الحضارة الغربية اليوم في الحضيض. الديمقراطية تحتضر في المنبع وصارت ديكتاتوريات في المصّب ، نظرة العالم للحضارة الغربية تبدلت . دماء السيد كرمز ورمزية لهذه المعركة تفيد أن العالم دخل لحظة تحول كبير ويستعد لتتفتح استعدادات جديدة ووراثة أجيال جديدة أشّد عزماً ووعياً وحنقاً لإحداث مستويات أعلى في العمل والمواجهة والإسهام الحضاري .

وما جرى ويجري أكد صوابية توقعات ومقولات مدرسة المقاومة في فهمها للغرب وسياساته وحضارته المرعبة . نقف اليوم نعلن فخارنا واعتزازنا بما قدّمنا وما قمنا به وقناعتنا المطلقة بذلك ، عندما انتصرنا لغزّة انتصرنا لأنفسنا رغم الأكلاف لكنّا حفظنا كرامتنا ووجودنا وهويتنا وبقاءنا ونهجنا واستمرارنا وأوطاننا وحمينا أمة عربية حتّى لوو لم شكر !! . لقد صحّت مقولاتنا أنّ الغرب يحتقر من ينحني أمامه كما رأينا الخزي  والمذلة لزائر البيت الأبيض(ملك الاردن مؤخراً) . أمّا نحن فلم ولن ننحني إذ أنّ ” الحياة في موتنا قاهرين والموت في حياتنا مقهورين” . إنّا أبناء مدرسة ترّدد عند كل تحدٍ : “أبالموت تهددنا يا ابن الطلقاء إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة”.

في المقاومة ووضعيتها:

بوضوح نقولها ونكررها ، عوّض الله تعالى غياب قائدنا بخلف حمل الأمانة بإخلاص وقوّة وشجاعة قّل نظيرها (الأمين العام الشيخ نعيم قاسم ) وبمجتمع بلغ رشده واستوى . فلا خوف على المسيرة بل الأمل معها يكبر .  إن خط المقاومة اليوم أمضى وأرسخ من أي وقت مضى ، هو في اعلى مراحله في حيازته لرأسمال فكري واجتماعي وسياسي منذ أربعينات القرن الماضي. الشعوب المؤيدة لخط المقاومة والناقمة والغاضبة والكارهة لأميركا وأنظمة الغرب وإسرائيل وممالك العرب في اتساع مضطرد لا تستأذن الجغرافيا ولا الطوائف ولا المذاهب ، تتمدّد عالميا وتتجذر فكرتها ونظريتها . من جهة ثانية ورغم محاولات التقليل المعروفة الغرض لتجربة جبهات المقاومة لكن جبهات المقاومة كانت نقلة نوعية وجديدة وحققت تكاملا معقولا لا شّك أنّه يمكن العمل على تطويره وتحسينه والارتقاء به اكثر ، وكشفت قوى المقاومة وبالملموس ضعف وخواء الكيان الصهيوني بدون الغرب ، وكشفت هزالة الجيش الإسرائيلي( لا سيما في البر ) وغربة المجتمع الإسرائيلي عن الأرض الذي يدعي بملكيتها فظهر جلياً انه لا يملك اي شعور حيالها ولا تربطه بها رابطة ، وتهاوت سردية “إسرائيل” في العالم واحتكارها لتفسير الصراع ،وتراها تسرع الى انحسار فذلكتها وصورتها والى عزلة اجتماعها وملاحقاتها قانونياً من محاكم الدول والضمير الانساني ، ورأى العالم رأي العين إسرائيل ك”دولة” إبادة جماعية وليس واحة ديمقراطية . المقاومة كشفت عن عظيم ما نملك من جوهر وانسانية عند شعوبنا واستثنائية عند مقاومينا في فلسطين ولبنان وبقية ساحات المواجهة الذين عدّلوا ببأسهم وجهة الرياح فكانوا مصداقاً غير مسبوق في التاريخ في العطاء والنبل والتبصر والإيثار والالتزام ونصرة المظلوم وحفظ الجار وحرمة الدار  .

أنصتوا لصوت الأرض ، صوت انزياحات كبيرة تسمع ، حركة الفوالق الزلزالية وبداية تصادمها بين اعدائنا وبينهم وبين اتباعهم تقترب !! ما سيجعلهم ابعد عن تحقيق اهدافهم رغم القنابل الصوتية التي يلقونها . نحن اليوم أكثر ثقة أن فرص شعوبنا لهزيمة الكيان وإنهاء الهيمنة الغربية ازدادت . ما كان ليحصل ذلك لو نجح الكيان والغرب وأصابوا نوالهم من “فرصة عمر” لإنهاء المقاومة – رغم البلطجة الحالية – ، فاستمرت جبهات المقاومة حية نابضة مريدة مصممة نضّاخة , المقاومة خرجت اعظم في عيون أهلها والعالم وأهل الفكر من غير المنحازين للغرب أو أولئك الذين اشربوا في قلوبهم العجل .المقاومة اليوم أكثر شمولا وتواصلية وثقة ، السيد حسن الشهيد فتح بشهادة بوابة العبور الى مزيد من اليقظة والوحدة والتماسك والتقارب اللبناني والعربي والإسلامي وأكّد بدمه انّا جميعاً في مركب واحد ؛ هكذا نفهم شهادة قائدنا وهكذا نقّدم شهادته بين يدي أحرار  للعالم وشعوبه ، هو ” عنوان جمع ولحمة وانفتاح على الكرامة وانعتاق من التسّلط والهيمنة” .

في المقاومة وفذلكتها :

حيثما برز الظلم والتسلط برزت مقاومته وروح التحدي وحيثما غابت الدولة وغيِّب معنى قيامها ملأ الشعب الفراغ ليرمم الميثاق الذي نقضته السلطة. وأينما دسّت دولة رأسها بالتراب وامتهنت التبرير والضعف والسطحية والحياد عن الحقائق وعدم شجاعة مواجهة الحقائق ترّنح بناء الأوطان وازدادت الكلفة فانبرى أهل العلم والثقة بالنفس والتزموا الاستجابة . بلغة العقل يقل إما أن تشارك في هذا العالم مشاركة فعالة وقاصدة ومؤثرة وإما تصبح على هامشه وفي خراجه ، هو آتٍ اليك إن لم تتحرك أنت نحوه وتساهم في توجيهه ، هذه سنّة التاريخ حيث لا تبديل فيها ولا تحويل . المقاومة في لبنان كانت وستبقى سلطة نموذج ، سلطة أخلاقية ثقافية قيمية تتجلى في إرادة شعب وقضية حقّه ، هي منطوق الطبيعة والقانون والأخلاق والدين وهي تجربة عملية واقعية وفرت لنا أفضل مستوى من الشعور بالكرامة الوطنية والمنعة بجوار كيان صهيوني خبيث رغم هشاشة نظامنا وفشله وأزمات مجتمعنا وبنيته ورغم الفساد السياسي والإداري الذي يضربه، المقاومة خطاب بنائي واقعي يشنأ الأوهام والتخيلات والتخرصات والعيش على فتات وموائد الاخرين . بالنسبة اليها بناء الدول يجب أن يتركز أولا على وثاق سيادي داخلي متين ينطلق منه إلى الخارج لا أن تُرهن البلاد لتقاطعات الكبار  وشفقتهم واستجداء الكبار في لعبة الأمم ، والتجارب تقول أنّه لم يبن وطن حّر دون كلفة إلاّ في اللاعقل  .

المقاومة ثقة بالذات الوطنية وبالإنسان وبعلو شأنه وقيمته واعتداد بالهوية وتقديم للمعنى واجتناب للخضوع لغير الحقيقة ، ما كانت ولن تكون منافساً على سلطان ولا موضوع في لعبة حسابات داخلية ، هي الأضّن على الشراكة والتوافق والعيش الواحد وبناء الروح الوطنية والمشاعر الى جانب بناء المؤسسات السيّدة والنزيهة، هي ليست منافساً بل مكملاً بغية تحقيق غاية الكيان والكينونة وقوامهما. هذا ما جسدته ثلاثية “شعب جيش مقاومة” كعنوان وفلسفة موازية لثلاثية ” التوافق والوحدة والسيادة” و لولا هذه الثلاثية لكانت إسرائيل اليوم تحتل كل لبنان وتفرض إرادتها عليه وشروطها وتحدد طبيعة نظامه والقائمين عليه . واليوم وفي ذكرى الشهادة تؤكد المقاومة رغبتها وحرصها على الثوابت الآنفة وأن يستحيل هذا دم سيّدها حياة ووحدة وتقارب وتدعو من موقع الواثق والحريص لتبديد الهواجس المتبادلة في شؤونات لبنان بكل صراحة وشفافية بما يحقق أمن لبنان وأمن هويته وأمن قيمه وفاعلية دوره حيال قضايا الإنسان والإنسانية العادلة  في قبالة عدّو صهيوني وغرب متسّلط .

في لبنان والمرحلة المقبلة :

لبنان اليوم أمام مفترق ، هناك فرصة بمقدار ما هناك تهديد كياني . ينسحب الأمر على الواقع العربي برمته . مستقبلنا وأمننا المشترك ازاء فرصة ممكنة لنأخذ المبادرة ونتلاقى ونخرج من المعضلة الأمنية التي كرسها الغرب لعقود في واقعنا ، فنجد الخطى للبناء والتكامل او نكون امام تحدي التلاشي والإنفجار والفوضى وتغير الخرائط فنحن في قلب حرب عالمية تدور رحاها في منطقتنا ويأمل الغرب في مهاية المطاف بتعديل في توازنها وقيمها وديمغرافيتها وجغرافيتها بما يخدم هيمنته والكيان الصهيوني  .

لذلك وجب أن نحدد عناوين المرحلة المقبلة وموقفنا منها بحزم وتصميم ودونما تلهي بالأمور الثانوية على حساب الجوهرية فمن اشتغل بغير المهم ضيّع الأهّم . يجب أن نحدد بوضوح العناوين التي ستشكل طبيعة المرحلة المقبلة وفوالقها على المستوى اللبناني والعربي والإقليمي : موقفنا اللازم من التطبيع مع العدو / تهجير الفلسطينيين وكيفية التعاطي معه / بناء دولة قانون وفق معايير السيادة الفعلية والعدالة والوحدة / تحديد موقعنا من سياسات الهيمنة الأمريكية / بناء مواقف إقليمية موحدة كي لا تستفرد أميركا وإسرائيل ضعافنا / إعادة الإعمار في لبنان وغزة وسوريا / بّت مسألة نظام أمني للإقليم بالتعاون بين العرب وإيران بشكل أساس / الموازنة في علاقاتنا الدولية وتنويع خياراتنا كتوكيد على استقلالية قرارنا / الخروج من أزماتنا الإقتصادية ووقف الفتن الداخلية  . لذلك يُفترض ان ننظر لهذه اللحظة الفاصلة أنّها لحظة استجماع نقاط القوة لا التفريط بها . انها لحظة صفحة جديدة يمكن ان تفتح في الامة ، فاذا لم نجتمع في ما مضى على أمر بمعروف لنجتمع اليوم على مواجهة منكر يتهدد مستقبلنا المشترك .

هذا هو منطق الشعوب والمقاومات المنبثقة عنها وهذه هي رؤيتها. وهذه الدعوى ليست بحثا عن دور او ملأ لفراغ مرحلي او تعويضا عن تراجع يحلو للبعض ان يقنع نفسه والآخرين به ؛ كلا : لا بد ان نقولها ان المقاومة اليوم أفضل حالاً وأملاً من أي وقت مضى رغم الجراح والألم ، ويخطئ من يبني تحليله أن المقاومات تراجعت أو انكفأت فقد يكون يعيش الوهم بعينه وتدريجيا سيدرك ذلك ، لا بأس أن ننتبه أنّه لو  خيضت هذه الحروب التي خيضت على غزة ولبنان ، لو خيضت على دول مجتمعة لهوت عواصمها وتساقطت في أيام قليلة ، فهذا الصمود فيه وجه أسطوري لمن أراد أن يفتح عينيه … لذلك نتمنى عدم الخلط بين أنا خرجنا من جولة بالغة التركيب والتعقيد في حرب عالمية مستمرّة وعرقنا الذي لم يجّف بعد وبين ما تحّقق وما يحتاجه لوقت كاف لتتضح معالمه كلها . غدا سيكتشف الذين تخلو عن غزة ولبنان ؛ هل ربحوا ام خسروا ، هل امنوا ام قلقوا !! غداً سيكتشف الذين حيّدوا أنفسهم أو صمتوا إذا كانت تبنى الأوطان بالهروب والتخّلي عن المساءلة الإنسانية !! الاستهانة التي واجهها ملك الأردن عند ترامب بداية مشهد مقبل سيعرف فيها الخصوم قيمة وأهمية جبهات المقاومة وضرورات وجودها  .

في المقاومة … وفلسطين :

طالما هناك “إسرائيل” أي أداة وامتداد هيمنة خارجية على منطقتنا طالما هناك مقاومة لها ، وطالما هناك دين حق غير مصنّع في أروقة الغرب طالما هناك نزعة رفض للظلم وانتصار للمظلوم . إنّ نفس وجود هذا الكيان هو اعتداء على كرامة الأمة والعرب وعلى كل شريف . إنّ هذا الكيان هو امتهان معنوي قبل أي كلام عن آثار وجوده المميتة . الصراع على فلسطين ليس مسألة إقتصادية ولا جيوبوليتيكية ولا هو سياسي مصلحي إنّه أخطر وأبعد .. إنّه صراع لا يتوّقف ، دوماً سيكون هناك من سيحمل رايته وينهض به . وطالما أنّ المقاومة استجابة انسانية أخلاقية دينية عقلائية فلا يمكن أن تتخلى عن فلسطين ويستحيل ذلك  أو أن تعّدل هدفها في الانتصار لفلسطين ودعم ومساندة الشعب الفلسطيني وحقوقه لذلك ستبقى حريصة أن تطور وسائلها وأدوات عملها  وفق المقتضى وبما ينسجم ويراعي الخصوصيات في كل ساحة والظرف لكنّها لم ولن تتزحزح عن تطلعها لتحّرر الأمة وتحرير إرادتها . كما إنّ الوجه الآخر لإنهاء هيمنة الغرب وأداته إسرائيل يكمن في بناء دول عربية سيّدة ومستقلة فعلاً لذلك لن تتوانى المقاومة وشعبها عن المضي بعزم واقتدار لتطوير الحياة الاجتماعية والسياسية لبناء دولة مستقلة سيّدة غير منقادة للغرب وهذه معركة سوف تستعر في لبنان وغيره من دولنا في قابل الزمن فلا يصّح أن قالباً بلا قلب ونقشاً بلا عرش إذا أردنا الاستمرار .

فلسطين ملك أحرار العالم وقضيتها ملك الانسانية  جمعاء فلا يستطيع أحد أن يوّقع عن أحد ولا أن يتنازل أحد لأحد ولا أن يفاوض أحد عليها وعنها ، إنّها من سنخية الحق الخالص الذي لا يقبل عقل ولا قيم التنازل أو التغاضي إزاءه . هي ملك الأمة كلها بجيلها الحالي وأجيالها المقبلة ، والذي لا يقدر أن يقوم بدور مؤثر  وفعاّل الآن فلا يصادر فرص الأجيال المقبلة في تحقيق هدف انتصار الحقيقة على الوهم والحق على القوة وليدعم بالكلمة فذلك أضعف الإيمان .

في المقاومة …. وسوريا:

نتطرّق لسوريا كونها الأقرب للبنان ومتنفسّه الوحيد والأكثر تداخلاً في مصيرها ومسارها معه . سوريا ككيان كانت وتبقى موقعا و دورا مؤثراً في مسار النهوض العربي برمّته كما في نكوصه. كيفما قلبت الأمور تبقى سوريا حاجة في سياق استعادة التوازن العربي أمام دول الممالك التي لا تجدها الا حيث تكون أميركا والغرب كما أثبتت التجارب  . إن ما تمر به سوريا اليوم من مخاطر تضعضع الهوية وانفجارها خلف ويخلف ندوباً عميقة في الواقع العربي برمته وأمنه الاستراتيجي. سوريا السابقة حافظت على ثابتة تعاطيها بندية وتحّد بمواجهة أميركا وإسرائيل ، وكان هذا الأمر أحد أعمدة ارتكاز النظام واستقراره النسبي بتمايزه عن غيره ، هي تميزت باستقلال قرارها رغم هاتيك الصعوبات التي يعانيها أي حكم يحاول إدارة بلد معقد كسوريا . ان مستقبل هذا البلد يفترض ان يحدده الشعب السوري وليس الإرادات الخارجية . كل مخلص يتطلع الى سوريا على قاعدة ” وحدة أراضيها واحترام مكوناتها وتنوعها ووضوح موقفها حيال العدو الصهيوني واجتناب التطبيع معه والمحافظة على موقعها في الممانعة إن لم نقل المقاومة وأن تبقى حاضنة لفلسطين” هذه سوريا المأمولة من شعوبنا العربية ومن شعبها . فلا يكفي أنها تحررت من نظام شمولي لتنتقل الى الارتهان لهيمنة أمريكية تامة ومطبقة ، يجب أن تخرج سوريا من ثنوية “إما تحت نظام شمولي أمني أو فصيل إسلاموي مرتهن لإرادة الغرب ” يجب أن نجمع الأمرين ودون ذلك تكون أمام خطر كبير على وحدتها و حفظ مجتمعها فضلا عن مستقبل المنطقة . كلنا ينتظر مقاومة شعبية في سوريا ، لكون الشعب السوري تميز في عدائه المستعكم لإسرائيل وربما هذه أي العداء لإسرائيل تعبر عن ثاني المشتركات التي تتمخض عنها الإرادة الشعبية في سوريا.

في الشكر:

الشكر  بعد الله وشعبنا اللبناني الأبّي هو للجمهورية الإسلامية التي تعتبر قوة الدفع الأبرز والمتحدي الأوّل وناحية القلب لجبهة التحرر ورفض الذّل ومواجهة ظلام الليل الأمريكي الذي ربّما اقترب ليله أن  عسعس فسفور الهيمنة يحتمل أن يكون دليل على تراجعها ، الشكر لها لأنها تحدث اليقظة وتعيد التوازن والندية في الخطاب وتعدل في الميزان الكلي في هذا الصراع وتذكر الجميع بالمسؤولية وتستحثهم لصالحهم على ذلك وتقدم كل ما يمكنها لمساندة المستضعفين، والشكر للعراق الذي سما في احتضانه ومحبته ونخوته وعروبته الاصيلة ومقاومته لدنس الهيمنة الأميركية وانتصاره لفلسطين ولبنان، والشكر ليمن الحكمة والشجاعة والإيمان وسلامة السريرة الذي أسهم في صناعة توازنات ومعادلات ولشعوبنا في البحرين والجزائر الحبيبة وتونس والكويت وأفغانستان والباكستان وقطر ولن ننسى المواقف النبيلة لعلماء سلطنة عمان وشعبها ، ولشعب سوريا ولمصر التي نبقى ننتظر منها ونراهن عليها وللشعب الأردني التوّاق لفداء ونصرة الأقصى كل تحية ، وللشباب الجامعي في الغرب لجرأته في ملاقات الحق والكرامة ولدولة جنوب أفريقيا التي تجرأت على إدانة الكيان الصهيوني ووسمت فعله بالإبادة ولم تخف أو ترتعد ولكثير من دول العالم وشعوبه النبيلة في أميركا اللاتينية وإفريقيا التي علّمت الكثير في الكرامة الوطنية والعنفوان واحترام الذات والاعتداد بها وللشاب الغيور  في تركيا ولكل المؤسسات الإعلامية والثقافية والتعليمية و القانونية والقضائية المحلية والدولية التي ابدت مواقفاً  مشّرفة عبّرت فيه عن صالح مرّتها انتصاراً للحق في فلسطين ولبنان، والسلام.

كاتب لبناني

ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها
صدر كتاب تحت عنوان: قراءة في الحركة المهدوية نحو بيت المقدس للشيخ الدكتور علي جابر
المساعدون القضائيون في صيدا يكرّمون القاضي إيلي أبو مراد قبل انتقاله إلى البقاع
المقداد يجول في جرد جبيل ولاسا
مؤتمر دولي لنصرة غزة من بيروت الى اليمن وفلسطين والعالم
بتاريخ ٢٠٢٤٠٤٠١ نظمت السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي شعبة بشارة الخوري محمد الحوت المتحف في منطقة بيروت
في أجواء شهر رمضان المبارك وبمناسبة يوم الأرض ،
واشنطن تصنف انصار الله جماعة إرهابية وتدخل حيز التنفيذ من يومنا هذا وصنفت قيادات الصفوف الاولى من حركة انصار الله بلائحة الارهاب
النائب برو يتفقد احوال النازحين في علمات والبدان المجاورة
قتيل وجرحى بين العرب في البقاع الاوسط في منطقة قب اللياس
بعد طلب سماحة القائد الولي الاعلى السيد علي الخامنئي حفظ الله
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب حسن علي طه يا أمة المليار منافق، غزة تُباااااد ، فماذا أنتم فاعلون؟ عامان، لا بل دهران، لكثافة ما حصل في غزة من أحداث.
مباشر من حفل اطلاق الحملة الرسمية لاحياء اليوم القدس العالمي التي يطلقها ملف شبكات التواصل في حزب الله
الوزير السابق للداخلية مروان شربل
ممثل الامين العام لحزب الله الشيخ الدكتور علي جابر يزور مطبخ مائدة الامام زين العابدين ع في برج البراجنة
قيادة الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي
الحاج حسن من بريتال: أزمة انتخاب رئيس الجمهورية سياسية وليست دستورية
تحت عنوان (على طريق القدس موحدون لمواجهة الفتن ومؤامرات التفريق بين أمتنا )
صنعاء بمواجهة العدوان المتجدّد: لا وقف لعمليّاتنا
الصوت الذي لم يستكن يوماً
من يحكم لبنان ....!
تحقيقات بلدية بيروت: «أمن الدولة» تدخل على الخط... والحجار يُدقِّق في الأملاك
عندما يتعثر البطل يفرح الجبناء ....ويطلبون نزع السلاح
الاخبار : موازنة 2026 هي «دفتر يومية»: الحكومة تمارس الاستـجرار
ألمانيا على خطى فرنسا بحثاً عن نفوذ: وزارة الدفاع تبدأ الهيكلة: الأولوية لـ«تحرير الشام»
مـفـاجـآت أمـيـركـيـة جـنـوبـاً والـعـيـن عـلـى الـمـخـيـمـات
الخطة الكاملة كما وردت في موقع “أكسيوس” «منطقة ترامب الاقتصادية»… الخطة الأميركية الجديدة لجنوب لبنان..
العشائر على خطّ النار: بوادر حرب أهلية مفتوحة سوريا الأخبار السبت 19 تموز 2025 مقاتلون عشائريون يعبرون قرية الدور في ال
«العليا للإغاثة» في مرحلة التحضير وحزب الله لزّم أعمال 160 مبنى: انطلاق الترميم الإنشائي في الضاحية
ميقاتي «يستدعي» اللجنة الخماسية لبحث خروقات العدوّ
في مواجهة قرارات الحكومة خطة الحزب للصمود والمواجهة
في المرحلة الحاسمة.. المحاذير
معارك ومناوشات طائفية وتزوير لتاريخ البلاد: «وطن النجوم»... حين يَشبك على النت
بين لبنان وسوريا: خوف من نموذج الحرب والتهجير
أمريكا من ١١أيلول إلى اغتيال تشارلي كيرك زمن التغير أو النهايات.
الديار: ردّ لبناني مُوحّد بانتظار بارّاك: الكرة في الملعب «الإسرائيلي»
إزاحة خالد حمود: نهاية «شعبة المعلومات»؟
النور الأخضر في صنعاء: زلزال عقائدي وعسكري يهزم المجرم نتنياهو.
الـمـبـعـوث الأمـيـركـي تـوم بـراك
سيناء قد تكون هدية التكفيريين لإسرائيل بعد الجولان
سنة
شهر
أسبوع
يوم
س
د
ث