كتب الـصـحـافـي حـسـن عـلـيـق فـي مـنـشـور عـلـى مـنـصـة "X"
إلـى الـعـمـاد جـوزف عـون
المغرضون والمنبطحون وأتباع الغرب والخليج وأعوان "إسرائيل" في الحرب على بلادنا والمبستمون للمسيّرة الإسرائيلية في سماء العاصمة يوم انتخابك رئيساً…
هؤلاء جميعاً محقّون حين يقولون إن وصولك إلى "القصر" يمثّل فرصة، لكنّ كلامهم هو الحق الذي يريدون به الباطل.
فأنت أمام فرصة ربما تكون الأخيرة لتخترع لنا بذرة لما يُسمى دولة، "بدءاً من جنوب الليطاني".
أنت أمام فرصة تاريخية.. فإما أن تكون رئيساً لدولة، أو أنك ستصبح بديلاً للفراغ في كرسي بعبدا، بأمر أميركي - سعودي لتحقيق مصالح الولايات المتحدة وبن سلمان.
إما أن تدافع عن مصالحنا، وسيادتنا، وأرضنا.. أو أن تدافع عن المصالح الخارجية التي اجتاحت سيادتنا بلا هوادة منذ ما قبل انتخابك.
فخامة الرئيس، ربما قد تقول في سرّك "إنني غير مسؤول عن مسببات الواقع الحالي في الجنوب"، لكنك اليوم رئيس لدولة، ينبغي لها أن تكون ذات سيادة.
وبالتالي، لا يحق لك التخلي عن مسؤولية إيجاد الحلول للمشكلات جميعها، وأولها وأخطرها احتمال احتلال إسرائيلي جديد في الجنوب.
ومن أسوأ ما يمكن أن تبدأ به عهدك هو العمل بنصيحة مستشارَين يقولان لك:
هذه مشكلة الشيعة، لا تتدخل فيها، خلّيهم يقبعوا شوكهم بأيديهم،
قد يقول لك المستشاران والسفيرة إن احتلالاً إسرائيلياً لأرضٍ جنوبية "سيمنحك ورقة قوة في مقابلهم"، أي في مقابل جزء من أهلك.
تذكّر أن أول المستشارَين مطبّل تحرّكه أحقاده الشخصية وأموال المطبّع الأكبر،
فيما الثاني يغشّك، لأنه في نهاية المطاف لا يستمع سوى إلى معلّمه خلف البحار.
أنت اليوم أمام فرصة أن تضع اللبنة الأولى للثقة بيننا وبين "شيء ما" يمكن أن يكون دولة في المستقبل.. أو أن تجعل هذه الدولة مجرّد سراب.
أنت اليوم أمام خيار أن تكون قائداً للجمهورية، أو أن تكون مجرّد عابر.
الواقع بيّن جليّ، ومسؤوليتك واضحة، وما ينبغي القيام به لا يحتاج إلى سؤال.
واجبك التصدي لاحتلال يريد العدو فرضه. التصدي لا إجراء اتصال.
التصدي بكل ما في أيدينا من أوراق قوة، وأولها ان تجعل منع الاحتلال أولوية وطنية.
فخامة الرئيس، لا تستمع للقائلين إن أي تحرك من قبلك، بصفتك رأس الدولة، سيجرّ عليك الغضب الأميركي.
فأنت تتمتع بميزة لا تتوفر لكثيرين، وهي أن واشنطن تحتاجك، بصرف النظر عن طبيعة هذه الحاجة.
هي بحاجة إليك، ويمكنك فرض أولويات عهدك. ولا أولوية تسمو على منع العدو من فرض إرادته علينا واحتلال أرضنا واستباحة سيادتنا.
فخامة الرئيس، أمر عظيم حدث يوم أمس، بإعلان حكومة الاحتلال عدم التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، الذي لطالما خرقه العدو في الأيام الستين الأخيرة بشهادة جيشنا.
ماذا فعلتَ في مقابل الإعلان الإسرائيلي؟ أنتَ كبير القوم، رأس الدولة، من رفع يمناه للقسم على الدستور، الآتي من قيادة الجيش… ماذا فعلت؟ لا شيء، للأسف الشديد.
بخلت على البلاد بكلمة. سلوكك هذا لا هو سلوك رئيس، ولا هو سلوك رجل دولة، ولا هو سلوك مسؤول، ولا هو سلوكٌ وطني.
أنت تسكت حيث يجب أن تنطق. وأنت تسكن حيث يجب أن تتحرك. وأنت تُحجم حيث يجب أن تقُدم.
فخامة الرئيس، بادِر الآن، لكي تكون لنا دولة، ولكي يكون لنا رئيس.