هذا الكتاب
يوثق هذا الكتاب أنشطة وبيانات ومواقف الحملة الدولية لفك الحصار عن مطار صنعاء و ومواقف رئيسها، وما قاله عنها كتاب ومثقفون وصناع رأي عام وناشطون في الساحة الإعلامية، وجمع مواقف صادرة عن القيادات اليمنية حول الحملة وأصداء مواقفها وتحركاتها، خصوصا مواقف القائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وأعضاء المجلس السياسي الأعلى وفي مقدمتهم الفريق سلطان السامعي عضو المجلس السياسي الاعلى الذي منح الحملة اهتماما خاصا، يشكل بكل ما فيه واحدة من وثائق التاريخ اليمني المعاصر، في كفاح اليمن لاستعادة حقه باستعادة مكانته وحضوره على الساحتين العربية والدولية بعد قرون وعقود من التغييب القسري، في سياق استثنائي فرضه اليمن لتحقيق هذا الهدف، حيث لا يفرض الحضور ولا ينتزع الاحترام الا بالمواقف التاريخية الشجاعة والأفعال التي تتجاوز حدود التوقع، فتصيب العدو الصديق بالذهول.
سوف يقع القارئ من دون تخطيط القائمين على الحملة والذين قاموا بإعداد الكتاب، على نوعين من التطابق المثير للدهشة، فهو تطابق يتسلل بلا تخطيط الى وعي القارئ والمتابع، ويصنع انطباعات يصعب محورها، التطابق الأول هو بين أداء الحملة ورئيسها من جهة، وبين اليمن وحقه والدفاع عن قضيته من جهة مقابلة، بحيث لم تكن الهيئة محصورة بحجم ما يوحيه اسمها، لقد كانت وزارة خارجية شعبية لليمن وقضيته ومظلوميته ونضاله، وكانت وزارة إعلام ووزارة ثقافة، بلا مراسيم وتكليفات، بحيث ان علاقة الكثيرين باليمن كانت علاقتهم بالحملة ورئيسها، وما يعرفه هؤلاء الكثيرون عن اليمن هو ما يصلهم عبر أنشطة الحملة ومواقف رئيسها، وما يتلقونه من خلال المشاركات التي تتم دعوتهم إليها في مؤتمرات وندوات ونقاشات.
التطابق الثاني هو بين نشاط الحملة وحضورها من جهة، وشخصية رئيسها الصديق العميد حميد عبد القادر عنتر من جهة موازية، هذا المثقف والمناضل، المنفتح والمتواضع والصلب والواضح والذي يفيض حيوية ونشاطا، حاضر دائما يحمل علم بلاده وقضيته واسم قائده ومبادئ ثورته، و الحملة الدولية لفك الحصار عن مطار صنعاء، تختصر في عقله وقلبه ووجدانه حق اليمن بالحياة، ورفض الظلم المفروض عليه، وفك الحصار ثقافة تعني التواصل وبناء الجسور، وتعني الحضور، وتعني حق اليمن ودولته وشعبه بحيلة الكرامة والعزة والأمن والاستقلال.
أيها القارئ العزيز
لعل التطابق الساحر الذي استحوذ عبره اليمن وقائده سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، ومن خلفه كل القيادات اليمنية، وكل الهيئات اليمنية، وفي طليعتها الحملة الدولية لفك الحصار عن مطار صنعاء ورئيسها الصديق العميد حميد عبد القادر عنتر، هو ذلك التماهي الذي قدمه اليمن قيادة وجيشا وشعبا في عرض مسرحي ناري مجبول بدماء الشهداء على مسرح العلاقات الدولية، مسرح بحجم المحيط الهندي وبحر العرب والبحر الأحمر، حيث اختلط اسم اليمن باسم فلسطين على مدى سنة كاملة وعدة شهور، كما اختلط الدم اليمني بالدم اللبناني والعراقي والايراني دفاعا عن فلسطين، ايقونة وعربون وفاء لدماء شعب فلسطين ومقاومته الحرة الشريفة.
لقد قال اليمن بوقفته الشجاعة، إذا كانت العروبة نخوة وشهامة، فان العروبة لم تمت، واذا كانت المقاومة محور ينتصر لفلسطين، فإن المقاومة تقول الخطاب الفصل في الميدان، وإذا كان كسر معادلات الحصار عن اليمن قضية فإن الطريق هو كسر الحصار عن غزة، وإذا كانت سيادة اليمن واستقلاله هدف، فان المدخل هو الانتصار لسيادة واستقلال فلسطين وشعبها، واذا كانت فلسطين قضية العرب المركزية فإن اليمن هو العرب وهو العروبة، وإذا كانت فلسطين قضية إسلامية فإن اليمن هو من يؤم الصلاة إليها.
لقد أثبت اليمن أن الأكثرية لا تشكل مفردة غالبة في ميدان الحقوق، لا أكثرية السلاح ولا أكثرية المال ولا أكثرية المساحة الجغرافية ولا أكثرية عدد السكان، بل هي أكثرية الناس البسطاء الطيبين الذين يخرجون كل يوم جمعة الى ميادين وساحات اليمن يهتفون لفلسطين، ولا هتاف يضاهي هتافهم ولا صوت يترفع فوق صوتهم، في أي ساحة من ساحات العالم أو ميدان من ميادين عواصم الدنيا، وقد فسر اليمن للعالم كله معنى مقولة، أنا والحق أكثرية، حيث صارت المقولة، "اليمن والحق أكثرية"، ولذلك ينتصر اليمن كل يوم، وتهزم أمامه أميركا بكل جبروتها ويعجز أقوياء العالم وأثرياء الدنيا عن كسر إرادة فقراء اليمن.
مبارك لليمن مسيرته المظفرة التي تعبق بالفخر، وأطفال العالم يرددون كلمات الناطق بلسان القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع وهم يرفعون علم اليمن أيقونة للحرية، ومبارك للحملة الدولية ورئيسها هذا الدور البارز الذي حملت مسؤوليته في هذه المسيرة، ولعل هذا الكتاب بعض من وثائق سوف تكتب تاريخا صنعته الشعوب وكتبت سطوره بدماء الشهداء.
✒️الدكتور ناصر قنديل
رئيس تحرير صحيفة البناء لبنان