يكتبها : الدكتور محمدعلي الحريشي من اليمن
❗️خاص Sadawilaya❗️
من يوم أمس الأحد ( 8 كانون أول/ديسمبر 2024) دخلت سوريا مرحلة سياسية جديدة محفوفة بالمخاطر والمستقبل المجهول، وهي تعيش من يوم أمس في فراغ اللادولة حتى المؤسسات الدستورية القائمة التي حصلت على تفويض مؤقت لتسيير الأمور قد أصيبت بالشلل والدليل هو إنسحاب الجيش السوري من نقاط تموضعه على التماس مع العدو المحتل في الجولان،لماذا إنسحب الجيش السوري من منطقة حدودية سيادية لايوجد فيها قتال،أين هي حكومة تصريف الأعمال وماهو موقفها من دخول الجيش الصهيوني في عمق الأراضي السورية وماهو موقفها من العدوان الصهيوني الذي شن عشرات الغارات يوم أمس على ممتلكات الشعب السوري وماهو موقف الجماعات المسلحة التي حلت محل النظام من العدوان الصهيوني على سوريا ، يتضح من ذلك أنه لاوجود في أرض الواقع لسلطة سياسية في دمشق ولو مؤقتة تضبط الأمور وتحافظ على بنية وكيان الدولة السورية وتحفظ سيادة البلد، سوريا من يوم أمس تعيش في فراغ سياسي وفي وضع اللادولة وهذا يشكل خطورة وتهديداً كبيراً على مستقل الدولة السورية ويفتح الباب واسعاً لدخول الشعب السوري في الفوضى وقد تتفجر الصراعات والإقتتال في أنحاء سوريا بنفس السرعة التي غيرت المعادلات السياسية داخل سوريا خلال الأيام القليلة الماضية،هناك عوامل تزيد الوضع إشتعالاً وتعجل بحرب أهلية وشيكة تصيب الجسد السوري،من تلك العوامل، الحرب الداخلية بين النظام السابق وقوى المعارضة التي إستمرت عشر سنوات وخلفت مئات الآلاف من الضحايا وشردت الملايين من الشعب السوري إلى مختلف بلدان العالم ودمرت مدن ومصانع وبنى تحتية وتركت جراحات عميقة داخل المجتمع السوري، تلك الحرب المدمرة ولدت في النفوس الأحقاد وولدت شروخاً وطنية عميقة ومازالت الجراحات والأحقاد متراكمة وهي التي توجه وتحكم سلوك الجماعات المسلحة وبقايا النظام السابق وتجار الحروب ربما نحو تفجير الأوضاع، الجماعات المسلحة الذين سيطروا على المدن السورية وأجبروا النظام السابق على ترك السلطة مازلت قلوبهم توغر بالأحقاد والثارات على رموز النظام السابق، فليس من المستبعد تفجير الأوضاع ووقوع حمامات من الدماء في الأيام القادمة، ثم تتدحرج الأمور إلى حرب أهلية مناطقية مذهبية طائفيّة، الأقليم والقوى الدولية المتربصة بسوريا لديها التحفز الكبير والرغبة لتغذية حرب أهلية مدمرة في سوريا تستهدف الجميع، أنظار الصهيونية مركزة على سوريا، أمريكا، تركيا، كيان العدو كلهم مركزين على سوريا يريدون الإنتقام منها ومن مكانتها الحضارية والتاريخية، الوضع معقد جداً سوريا تعيش على فوهة بركان وعلى قنبلة موقوته إذا إنفجرت سوف تحرق الجميع، إذا حملت المعارضة التي سيطرت على البلد نفسياتها السابقة وسيطرت عليها الأحقاد وروح الإنتقام وحملت معها أحقاد وثارات حرب العشر السنوات الماضية، فسوف تذهب سوريا إلى الهاوية والمستقبل المجهول، وإذا غلبوا مصلحة الشعب السوري وحكموا العقل وتساموا فوق الجراح وفتحوا صفحة جديدة من التسامح والتعايش والشراكة السياسية في بناء الوطن فسوريا على خير.
نخشي أن تتكرر التجربة الإفغانية وتمارس الفصائل المسلحة التي سيطرت على سوريا نفس الممارسات التي مارستها الفصائل الإفغانية عندما سيطرت على أفغانستان عقب سقوط النظام الأفغاني الذي كان مدعوماً من الإتحاد السوفيتي في ثمانينات القرن الماضي، أمريكا وكيان العدو الصهيوني يريدون تكرار التجربة الأفغانية في سوريا، هذا الذي نخشاه،أما سوريا فقد دخلت في مرحلة سياسية جديدة لاشك إنها سوف تغير الجغرافيا السياسية في المنطقة والعالم بشكل عام، ولذلك على قوى المقاومة في المنطقة إدراك ذلك التغير وعدم تجاهله والتعامل معه بحذر وحكمة وعليهم إدراك إن الأحداث في سوريا هي خطوة أولى ومقدمة لهدف أمريكي صهيوني كبير وهو القضاء على محور المقاومة من أجل تأمين الوجود المحتل في فلسطين، المخططات والمؤامرات كبيرة جداً وكرة الجليد تتدحرج وتزداد إتساعاً،على الجماعات التي سيطرت على سوريا تغليب مصلحة الشعب السوري والسماح للحكومة السوريةبممارسة سلطاتها الدستورية حتى يتم التوافق على شكل النظام الوطني الذي يحافظ على وحدة وسيادة سوريا ويعيد بناء ماخربته الحرب السابقة على أسس من العدالة والشراكة الوطنية والتسامح وبناء عهد جديد ينعم به الشعب العربي السوري الشقيق.